ولعلّ شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ أراد هذا المعنى من اختلاف المرتبتين الّذي ادّعى أنّه لرفع التضادّ. هذا تمام الكلام في الجميع بين الحكم الظاهري والواقعي.
وبعد ذلك يقع الكلام في مقتضى الأصل عند الشكّ في الحجّيّة ، والمراد من الأصل أعمّ من اللفظي والعملي ، عقليّا كان أو شرعيّا.
فنقول : ذكر الشيخ ـ قدسسره ـ في المقام أنّ الأصل حرمة التعبّد بما لم يقم على حجّيّته دليل ، لكونه تشريعا ، ويدلّ على حرمته قوله تعالى : (قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) وغير ذلك من الأدلّة (٢).
وأورد عليه في الكفاية (٣) بأنّ الحجّيّة لا تلازم التشريع شرعا وعقلا ، إذ يمكن أن يكون الشيء حجّة ولم يكن إسناده مؤدّاه إلى الشارع صحيحا ، كالظنّ الانسدادي على الحكومة ، فإنّه حجّة ولكن لا يصحّ إسناده إلى الشارع ، كما لا يمكن أن يكون الأمر بالعكس وإن كان ذلك مجرّد فرض لا واقع له ، فلا وجه للاستدلال على حرمة التعبّد وعدم حجّيّة ما هو مشكوك الحجّيّة : بعدم جواز الإسناد إليه تعالى ، وعدم صحّة الالتزام به.
والحاصل : أنّه لا وجه لاستدلال الشيخ رحمهالله ، ولعدم الملازمة بين الأمرين.
ولكنّ التحقيق عدم ورود الإشكال ، إذ إطلاق الحجّة على الظنّ الانسدادي على الحكومة مسامحة (١) ، لأنّ المراد من الحجّة ما يقع وسطا لإثبات أحكام متعلّقه ، وليس الظنّ الانسدادي على الحكومة هكذا ، بل المراد من
__________________
(١) يونس : ٥٩.
(٢) فرائد الأصول : ٣٠ وما بعدها.
(٣) كفاية الأصول : ٣٢٣.
(٤) أقول : هذا صحيح ولكنّه لا يوجب عدم صحّة الاستناد إليه ، بل كما يصحّ الاستناد والإسناد في مورد القطع كذلك يصحّ الاستناد ـ دون الإسناد ـ في مقام العمل إلى الظنّ الانسدادي على الحكومة. نعم ، إسناد المظنون إلى الشارع غير صحيح. (م).