معتبرة على خلافها في الشبهات الحكميّة والموضوعيّة ، فإنّ نسبة أدلّة حجّيّة الأمارات إلى أدلّة الأصول بعينها هي النسبة بين أدلّة الحجّيّة وعمومات المنع في كونها حاكمة ومخرجة لها عن تحت موضوعاتها ، فلو لم يمكن التمسّك بعمومات المنع لا يمكن التمسّك بعمومات أدلّة الأصول أيضا ، مع أنّه ـ قدسسره ـ لا يلتزم بذلك.
مثلا : لو شككنا في حجّيّة خبر الثقة وقام على طهارة ما كان متنجّسا سابقا ، فلا بدّ ـ على ما ذكره ـ أن لا يمكن التمسّك باستصحاب النجاسة ، إذ لا نعلم أنّ ذلك من أفراد نقض اليقين باليقين. وهكذا إذا احتملنا قيام حجّة معتبرة على طهارته. وكذا الحال في أدلّة البراءة ، فإنّ مقتضى ما ذكره عدم جواز التمسّك بالبراءة فيما لو احتملنا قيام أمارة معتبرة على وجوب شيء أو قامت أمارة مشكوكة الاعتبار عليه ، لأنّ الشبهة مصداقيّة.
وثالثا : على هذا تلزم لغويّة أدلّة المنع بالكلّيّة ، لأنّ المقطوع حجّيّتها من الأمارات خارجة عن تحتها قطعا ، وكذلك المقطوع عدم حجّيّتها كالقياس ، يبقى المشكوك حجّيّتها ، وقد فرضنا عدم شمولها له ، فلا يبقى لها مورد وتكون لغوا محضا.
وتوهّم كون أدلّة المنع إرشادا إلى حكم العقل الّذي تقدّم ، مدفوع : بأنّ موضوع حكم العقل إنّما هو مشكوك الحجّيّة ، بخلاف العمومات ، فإنّها ناظرة إلى الواقع.
فظهر أنّ التمسّك بعمومات المنع في مشكوك الحجّيّة ليس تمسّكا بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.
وأمّا الأمر الثاني ـ وهو التمسّك باستصحاب عدم الحجّيّة ـ فعلى القول باختصاص الاستصحاب بالشبهات الموضوعيّة أو الحكميّة بعد فعليّتها بوجود