المبنيّة على الواقع لا يكتفون بمجرّد الظهور ، بل لا يقدمون عليها إلّا مع الظنّ أو الاطمئنان بالواقع.
مثلا : لو كتب أحد إلى صديقه بالأسعار واحتمل أن يكون مراده الجدّي خلاف ظاهره ، لا يقدم على بيع تلك الأجناس وشرائها إلّا إذا حصل له الاطمئنان بصحّة ذلك ، والأصل أنّهم في أمورهم المهمّة ـ كالأموال والأعراض والنفوس ـ لا يقدمون إلّا مع حصول الاطمئنان ، ولذا لا يقدم المريض على ما أمر به الطبيب إذا احتمل إرادة خلاف ظاهر كلامه ، ولكن كلام الأصولي ليس في أمثال هذه المقامات ، بل كلامه إنّما يكون في مقام الامتثال وتفريغ الذمّة عن عهدة الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد المعبّر عنه بمقام الاحتجاج ، ولا ينبغي الريب في أنّ حجّيّة الظهورات في هذا المقام ليست منوطة بالظنّ بالوفاق ولا بعدم الظنّ بالخلاف ، ولذا يحتجّ كلّ من المولى والعبد على الآخر بظهور كلامه ، فلو أمر المولى عبده بشيء فترك العبد العمل به معتذرا بعدم حصول الظنّ بالوفاق أو بحصول الظنّ بالخلاف ، لذمّه العقلاء ويرونه مستحقّا للعقاب ، وكذا لو عمل بما أمر به المولى تمسّكا بظاهر كلامه وعاقبه المولى قائلا : «بأنّي أردت خلاف ظاهر كلامي وكنت ظانّا فلم عملت بظاهره؟» يرى العقلاء المولى مستحقّا للذمّ.
والظاهر أنّ بناء العقلاء على اعتبار الظهورات في هذا المقام من غير اعتبار الظنّ بالوفاق ولا عدم الظنّ بالخلاف ممّا لا إشكال فيه. والظاهر أنّ منّ قال باعتبارهما فيه إنّما خلط بين هذا المقام والمقام الأوّل.
وأمّا الجهة الثانية : فقد ذهب صاحب القوانين ـ قدسسره ـ إلى أنّ حجّيّة الظهورات مختصّة بمن قصد إفهامه ، ولذا التزم بعدم حجّيّة ظواهر الأخبار بالنسبة إلينا ، وادّعى انسداد باب العلم والعلمي في معظم الأحكام ، لأنّ انسداد