كون حجّيّة الظواهر مختصّة بالمقصودين بالإفهام ، نمنع ما رتّب عليها من منع العمل بظواهر الأخبار بالنسبة إلى غيرهم من جهة عدم كوننا مقصودين بالإفهام ، بل ندّعي أنّ عامّة الناس مقصودون بالإفهام بالنسبة إلى الأخبار المودعة في الكتب ، فلا تترتّب على ما ذكره من الكبرى ثمرة ، وذلك لأنّ عدم كوننا مقصودين بالإفهام إنّما يسلّم إذا كانت الأخبار الصادرة صادرة بطريق النقش على الحجر أو بطريق كتاباتهم ممّا لا يحتمل أن يكون المقصود بالإفهام إلّا خصوص المخاطب دون غيره ، وأمّا إذا كانت بطريق النقل من راو إلى راو آخر ، فلا ، بل الكلّ يكونون مقصودين بالإفهام ، وذلك لأنّ الراوي الأوّل كان مقصودا بالإفهام بالنسبة إلى الإمام عليهالسلام ، فلا يحتمل في حقّه وجود القرينة على خلاف الظاهر مع عدم اطّلاعه عليها ، وهكذا الراوي الثاني ، فإنّه مقصود بالإفهام بالنسبة إلى الراوي الأوّل ، لأنّه أراد أن يفهم الثاني ما صدر من المعصوم عليهالسلام ، فلا بدّ عليه من نقل جميع ما له دخل في معرفة كلامه عليهالسلام من القرائن الحاليّة والمقاليّة المتّصلة والمنفصلة ، وأصالة عدم الغفلة جارية في حقّه ، واحتمال وجود القرينة وعدم نقلها إلى الثاني عمدا خلاف المفروض في مثل الرّواة ، لكونه خيانة لا تصدر عنهم ، لكونه منافيا للعدالة المعتبرة فيهم ، وهكذا الحال في الراوي الثالث بالنسبة إلى الثاني ، وهكذا إلى أن تصل النوبة إلى أصحاب الجوامع ، كالكليني وأضرابه ، وحينئذ فجميع من ينظر في كتبهم مقصودون بالإفهام بالنسبة إليهم ، فلا تحتمل الغفلة عن ذكر القرينة في حقّهم ، للأصل ، واحتمال عدم ذكرها لجهات أخر من عدم الفهم ومن العمد مفروض الانتفاء في حقّهم ، لكونه منافيا لفهمهم وعدالتهم ، فالكلّ مقصودون بالإفهام ، والظواهر حجّة في حقّهم ، فلا وجه لما ذكره صغرى وكبرى ، هذا.
أمّا الجهة الثالثة : فنقول : ذهب الأخباريّون إلى أنّ حجّيّة الظواهر