من الأخذ بالظهور وعدم الاعتناء بتلك الاحتمالات.
إنّما الكلام في أنّ الأصل في هذه الفروض أصل وجودي ـ وهو أصالة الظهور ـ أو أنّه أصل عدمي ، وهو أصالة عدم القرينة ، كما هو الظاهر من كلام الشيخ (١) قدسسره؟ لا ينبغي الإشكال في أنّ الأصل أصل وجوديّ ثبت بنفسه ببناء العقلاء.
ولعلّ مراد الشيخ ـ قدسسره ـ من أصالة عدم القرينة هو في غير هذه الفروض ، وذلك لأنّ الفرضين من الفروض السابقة لا معنى لأصالة عدم القرينة فيهما ، لأنّ عدم القرينة فيهما مقطوع حسب الفرض ، وإنّما يكون احتمال خلاف الظاهر من جهة احتمال غفلة المتكلّم عن نصب القرينة أو من جهة احتمال مصلحة في الترك أو مفسدة في الأكثر.
وأمّا في الفرض الأخير وهو احتمال وجود القرينة المنفصلة بعد الفحص ، فوجود القرينة وإن كان محتملا لكن لمّا كان المحتمل هو القرينة المنفصلة ، والأثر لا يكون مترتّبا على وجودها الواقعي حتى ينفى ذلك الأثر بأصالة عدم القرينة ، بل الأثر للقرينة بوجودها العلمي والإحرازي ، والمفروض أنّ وجودها مشكوك وغير محرز بالقطع ، فما هو مشكوك ـ وهو وجود القرينة واقعا ـ غير موضوع للأثر حتى ينفى بأصالة عدم القرينة ، وما هو الموضوع للأثر ـ وهو وجودها الإحرازي ـ يكون مقطوع العدم ، فلا معنى لجريان الأصل فيه.
والوجه في كون الأثر للقرينة بوجودها العلمي والإحرازي هو ما ذكرنا في مبحث العموم والخصوص من أنّ القرينة المنفصلة لا تمنع عن الظهور ، بل
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٢.