لوجود القرينة غير الغفلة.
فهذه الكبرى الكلّيّة في غاية المتانة ، وتترتّب عليها ثمرات كثيرة.
لكن ما فرّعه عليها من عدم حجّيّة ظواهر الأخبار غير صحيح ، لما ذكرنا سابقا من أنّ هذا إنّما يصحّ إذا لم يكن المقطّعون من أهل العلم والفهم والورع ـ كالكليني وأضرابه قدسسره ـ وإلّا فلا يكون التقطيع مضرّا بالعمل بظواهرها ، وذلك لأنّ كلّ لاحق من الرّواة مقصود بالإفهام بالنسبة إلى سابقه ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى مصنّفي هذه الجوامع الموجودة في أيدينا ، وبالنسبة إلى تلك الكتب يكون جميع المكلّفين مقصودين بالإفهام بالنسبة إليهم ، فكما أنّ كلّ لاحق يعمل بظواهر صدرت من السابق من غير اعتناء باحتمال إرادة خلاف الظاهر فكذلك نحن نعمل بظواهر تلك الأخبار ، ولا نعتني باحتمال وجود قرينة على خلاف تلك الظواهر قد سقطت منها ووقعت في غيرها ممّا قطعت عنها ، لأنّ علمهم وورعهم ينافي تقطيعهم من تلك الظواهر ما يكون صارفا عنها ، فلا يعتنى بهذا الاحتمال في حقّ مثلهم.
نعم ، لو كان المقطّع من غير أهل العلم والفهم والفتوى ، لكان لهذا الاحتمال مجال واسع ، ولذا لو أرسل أحد إلى آخر كتابا وكان فيه جملة مربوطة بشخص آخر وقد قرأها وحدها له ، فيعمل ذلك الثالث بظاهر ما قرئ له من غير أن يقول : اقرأ الباقي لعلّ فيه ما يكون صارفا عنه ، نعم ، يقول ذلك إذا لم يكن القارئ من أهل الفهم. هذا كلّه في تعيين موارد العمل بالظواهر.
بقي الكلام في حجّيّة قول اللغوي ، وقد ذكرنا أنّه مع الجهل بالمعنى الموضوع له لا ظهور للكلام حتى يكون حجّة ، وأنّ الظنّ بالوضع من جهة عدم الدليل على اعتباره لا يكون حجّة ، إنّما الكلام في أنّه هل خرج قول اللغوي عن مطلق الظنّ أم لا؟