وقد قيل بخروجه واستدلّ له بوجوه :
الأوّل : أنّ اللغوي من أهل الخبرة لتعيين الوضع ، وقول أهل الخبرة حجّة ببناء العقلاء ، ولا يعتبر فيه التعدّد ولا العدالة ، لأنّه ليس من باب الشهادة حتى يعتبر فيه ذلك ، بل حجّيّة قوله أمر مستقلّ دلّ عليها بناء العقلاء مع عدم ردع الشارع عنه ، وليس بناؤهم مقيّدا بشيء ، كما نرى من رجوع الجاهل في كلّ صنعة إلى العالم بها ، ورجوع العوامّ إلى المقلّد ، واعتبار العدالة فيه إنّما ثبت بدليل خاصّ لا من جهة كونه من أهل الخبرة.
لكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ الرجوع إلى قول اللغوي إنّما هو لتعيين موارد الاستعمال ، وهذا ليس من باب الرجوع إلى أهل الخبرة ، بل من باب الرجوع إلى الشاهد ، لأنّ الرجوع إلى أهل الخبرة إنّما يكون في المأمور الحدسيّة التي تحتاج إلى الرّأي والنّظر ، فلا يطلق ذلك على ما لا يحتاج إلى شيء منهما بأن يكون من الأمور المحسوسة ، فالرجوع إلى أحد في المحسوسات المشاهدة ـ التي لا يختصّ فهمها بطائفة خاصّة بل يعمّ الجميع ـ لا يعدّ من الرجوع إلى أهل الخبرة ، وتعيين موارد الاستعمالات من هذا القبيل ، لأنّه ليس ممّا يحتاج إلى إعمال النّظر والرّأي ، بل إنّما يحتاج إلى استماع من العرب أو ملاحظة الأشعار وغيرها ، كما في سائر موارد الشهادة ، فيعتبر فيه التعدّد ، لأنّ الشهادة في الموضوعات يعتبر فيها التعدّد وإن ذهب بعض إلى عدم اعتباره إلّا في موارد الحكومة والقضاء ، فلو لم نعتبر التعدّد فالعدالة معتبرة قطعا.
وأمّا الرجوع إليه لتمييز الموضوع له عن غيره فغير جائز أصلا ، لأنّ اللغوي حاله حالنا في الجهل بالموضوع له ، فلو سلّم أنّه من أهل الخبرة ، فليس من أهل الخبرة لتعيين المعنى الموضوع له ، بل هو من أهل الخبرة لتعيين موارد الاستعمال ، حيث إنّ همّه ضبط موارد الاستعمال ، فلا يمكن استكشاف