حجّيّة الخبر لا تدلّ إلّا على حجّيّة الخبر الحسّي أو الحدسي القريب منه أو الحدسي الّذي أحرزت فيه تماميّة الملازمة بين المقدّمات وبين ما أخبر به عند السامع ، فمع عدم الإحراز والشكّ في تماميّة الملازمة ليس قول المخبر حجّة للسامع ، فعلى هذا ليس نقل الإجماع حجّة(١).
ثمّ إنّه ذكر بعض الأعاظم ـ قدسسره ـ أنّ نقل الإجماع وإن لم يكن حجّة في أمثال زماننا ، لما مرّ إلّا أنّ نقله من مثل الطوسي ـ قدسسره ـ ومن هو في عهده وسابقه ممّن يكون قريب العهد إلى زمان المعصوم عليهالسلام ، كالسيّد المرتضى وابن زهرة وأمثالهما ـ قدسسره ـ يكون حجّة ، لأنّهم وإن لم يروا المعصوم عليهالسلام بشخصهم ولم يدّعوا ذلك إلّا أنّه يحتمل ـ لقرب عهدهم إلى زمانه ـ أنّهم نقلوا الحكم ممّن سمعه من الإمام ، فيكون إخبارهم عن حسّ ، ثمّ ضمّوا إلى ذلك قول الغير ، فادّعوا الإجماع ، فيكون نقلهم الإجماع حجّة ، لما ذكرنا من أنّ مجرّد احتمال ذلك يكفي في حجّيّة الخبر ببناء العقلاء.
لكن لا يخفى ما فيه ، لأنّا نعلم أنّ دعواهم الإجماع ليس مستندها الحسّ ولو بذلك النحو بل بالنسبة إلى الشيخ ـ قدسسره ـ مستندة إلى قاعدة اللطف وبالنسبة إلى السيد وابن زهرة ـ قدسسرهما ـ مستندة إلى أصل أو قاعدة تكون حجّيّتها على نحو الكبرى الكلّيّة مسلّمة عند الكلّ ولكن يكون تطبيقها على مواردها بنظرهم ، فيدّعون الإجماع في مورد طبّقوا تلك القواعد أو الأصل عليه ، لكون أصل القاعدة أو الأصل إجماعيّا عندهم ، ولذلك نرى أنّ السيد ـ قدسسره ـ أفتى بجواز الوضوء بالماء المضاف مستندا إلى الإجماع (٢) ، لتخيّله جريان البراءة في أمثال المقام ، ولو سلّم فمجرّد الاحتمال وأنّ استنادهم في مورد إلى الحسّ ـ ولو
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٧.
(٢) المسائل الناصرية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٢١٥ ، المسألة ٤.