الحدس والاجتهاد والنّظر فلا يكون اجتماعها وتراكمها موجبا لحصول القطع بالواقع ، إذ كما يحتمل الخطأ في حقّ واحد منهم لأجل الاشتباه في مقدّمات اجتهاده كذلك يحتمل في حقّ الجميع ، فلا توجب كثرة ذلك حصول القطع بالحكم الواقعي ، ولذلك ترى عدم حصول القطع ، من إخبار جميع الحكماء باستحالة إعادة المعدوم ، لأنّه مبنيّ على اجتهادهم ، ويمكن عادة خطأ جميعهم. هذا كلّه في الملازمة العقليّة.
وأمّا دعوى الملازمة العاديّة بين الفتاوى ورأي المعصوم عليهالسلام بأن تكون تلك الفتاوى الكثيرة من العلماء الحاكين عن قول رئيسهم ـ وهو الإمام عليهالسلام ـ ملازمة عادة للقطع بفتوى الرئيس بحيث يستحيل انفكاكها عادة عنه ، لأنّ إخبار جماعة كثيرة عن قول رئيسهم أو شيخهم أو ملكهم مع كونهم مرءوسين له أو أصحابه أو أهل مملكته ملازم للقطع بقول ذلك الرئيس أو الشيخ أو الملك لمن يكون متعارفا ولا يكون وسواسيّا ، فالملازمة وإن لم تكن عقليّة لكنّها عاديّة.
ولا يخفى أنّ هذا أيضا غير صحيح ، لأنّ تلك الكبرى ـ وهي حصول القطع بقول الرئيس عادة من حكاية المرءوسين ـ وإن كانت مسلّمة إلّا أنّها فيما إذا كان المرءوسون ممّن أدركوا خدمة الرئيس وأخذوا الكلام عنه أو احتملنا ذلك ، لما ذكرنا من كفاية الاحتمال في هذا المقام ، وأمّا في مثل المقام ممّا لم يدركوا ولا نحتمل ذلك في حقّهم ، فلا يكون إخبارهم عن قوله حجّة ، لأنّه يرجع إلى الإخبار عن أمر حدسيّ وقد ذكرنا أنّه لا يكون حجّة ولا يكون إخبارهم عن ذلك ملازما للقطع بقول رئيسهم.
وأمّا الملازمة الاتّفاقيّة : فهي ممّا لا يقبل الإنكار إلّا أنّها ممّا لا ينضبط ، إذ قد يحصل القطع لأحد من فتوى عشرة من العلماء ولا يحصل ذلك للآخر من مثلها بل من فتوى عشرين ، فحصول القطع بقول المعصوم عليهالسلام من فتوى