وأمّا جعل الموضوع أوّلا هو الأدلّة الأربعة والإشكال في كون هذا من المسائل الأصوليّة إنّما هو من قبيل ردّ المحكم إلى المتشابه ، إذ لم تجعل الأدلّة الأربعة موضوعا للأصول في آية أو رواية ، فالإشكال إنّما هو في أخذ الأدلّة الأربعة موضوعا لا في كون هذا البحث من المسائل ، فعلى هذا لا نحتاج إلى التكلّف للجواب ـ كما ارتكبه الشيخ قدسسره ـ بأنّ العمل على طبق الخبر يحتاج إلى جهات ثلاث :
إحداها : البحث عن صدور الخبر.
الثانية : عن جهة صدوره من أنّه هل صدر تقيّة أو لبيان الحكم الواقعي؟
الثالثة : البحث عن دلالته.
وحيث إنّ البحث عن الدلالة قد مرّ في بحث الظواهر ، والبحث عن الجهة الثانية غير محتاج إليه ، لأجل بناء العقلاء على حمل كلام كلّ متكلّم على بيان مراده الجدّي ، فيقع البحث في الجهة الأولى فقط ، وهو : أنّه هل السنّة تثبت بخبر الواحد أم لا؟ فحينئذ يكون البحث عن أحواله بحثا عن أحوال السنّة ، فتدخل في المسائل الأصوليّة (١).
ولا يخفى عدم تماميّة هذا الجواب ، وذلك لأنّ المراد إن كان الثبوت الواقعي الّذي هو مفاد «كان» التامّة ، فهو على قسمين ، لأنّ الثبوت والوجود على قسمين : خارجي وذهني.
فإن كان المراد هو الخارجي ، فهو واضح الفساد ، لأنّ وجود السنّة خارجا معلول لعلّته ، وليست الخبر الحاكي ، وهذا واضح.
وإن كان المراد هو الذهني ، فهو أيضا فاسد ، لأنّ الخبر يحتمل الصدق
__________________
(١) فرائد الأصول : ٦٦ ـ ٦٧.