ولا يبعد أن يكون معقد الإجماع الّذي ادّعاه السيّد ـ قدسسره ـ وغيره على عدم حجّيّة الخبر الواحد هو المعنى الثاني ، وإلّا فلم يعهد من واحد عدم العمل بأخبار الآحاد إذا كانت موثوقا بها ، فدعواهم الإجماع على عدم الحجّيّة لا تنافي عملهم بالأخبار ، لأنّ معقد الإجماع هو المعنى الثاني ، والمعمول به هو الخبر بالمعنى الأوّل ، وحينئذ يرتفع النزاع من البين.
والشاهد على ذلك أنّ الشيخ قدسسره ـ الّذي ادّعى الإجماع على حجّيّة خبر الواحد (١) ـ كثيرا ما يقول في كتاب الاستبصار في مقام الاعتذار عن عدم العمل بخبر : إنّما لم نعمل به ، لأنّه خبر واحد (٢). والمراد هو المعنى الثاني ، وإلّا فخبر الموثوق به أو العادل تكون حجّيّته عنده مسلّمة ، فدعواهم الإجماع على عدم العمل محمولة على ما ذكرنا ، فلا منافاة بينها وبين عملهم بالأخبار.
وما استدلّ [به] المثبتون وجوه :
أحدها : مفهوم آية النبأ (٣) ، وهو من وجوه :
أحدها : التمسّك بمفهوم الوصف ، وهو الفاسق ، فإنّ مفهومه يدلّ على حجّيّة خبر غير الفاسق ، حيث إنّ المنطوق يدلّ على وجوب التبيّن إذا كان الجائي بالخبر فاسقا ، ومعلوم أنّ وجوب التبيّن إنّما هو وجوب طريقي ، بمعنى أنّه يجب التبيّن عند مجيء الفاسق بنبإ إذا أريد أن يعمل بخبره ، وإلّا فمع عدم إرادة العمل لا يجب التبيّن ، فإذا أخبر الفاسق بقيام زيد مثلا ، فمن جهة عدم ربطه بالعمل لا يجب تبيّنه.
وممّا يدلّ على أنّ وجوب التبيّن إنّما هو وجوب طريقي ـ بمعنى أنّه
__________________
(١) عدّة الأصول : ٤٧.
(٢) انظر على سبيل المثال : الاستبصار ١ : ٣٦ ذيل الحديث ٩٦.
(٣) الحجرات : ٦.