في دلالة الآية على المفهوم ليس إلّا تقريب دلالة الوصف على المفهوم بعينه ، وليس المقام من باب التعليل بجهة عرضيّة مع وجود الجهة الذاتيّة ، لأنّه ليس من التعليل في شيء ، بل إنّما يصحّ ذلك في مثل «اجتنب عن الدم لملاقاته النجاسة» والمقام من باب أخذ الوصف في موضوع الحكم ، ومن المعلوم أنّه لا يدلّ على نفي ذلك الحكم عند عدم الوصف.
نعم ، لا بدّ وأن لا يكون (١) هذا الأخذ بلا فائدة ، ولكن لا تنحصر الفائدة في المفهوم ، بل يمكن أن تكون الفائدة هو الإشعار بفسق الوليد الّذي نزلت الآية في شأنه.
الوجه الثالث من وجوه الاستدلال هو : التمسّك بمفهوم الشرط.
وتقريبه : أنّ الآية بمنطوقها تدلّ على أنّ النبأ لو كان الجائي به فاسقا يجب تبيّنه ، فهو ممّا يدلّ على أنّه لو لم يكن الجائي به فاسقا لا يجب التبيّن ، فيدلّ على حجّيّة الخبر العادل.
لا يقال : إنّ هذا المفهوم يدلّ على حجّيّة خبر الواسطة ، كالصغيرة والمجنون.
لأنّا نقول : إنّ المقيّد بالعدالة قد علم من دليل خارجي لا من الآية ، كما ذكرنا سابقا.
هذا وقد أشكل على الاستدلال بمفهوم الشرط بوجوه لا يهمّنا التعرّض لجميعها ، لأنّ اندفاع أكثرها في غاية الوضوح ، وإنّما المهمّ منها ثلاثة :
__________________
(١) أقول : وجوب التبيّن مقيّد في مقام الإثبات بالفسق ، وكلّ قيد ظاهر في كونه احترازيّا ، فلا بدّ من حفظ هذا الظهور إلى أن يثبت المانع ، وهو مفقود في المقام ، والإشعار بفسق الوليد وإن كان ممكنا إلّا أنّه ليس ممّا لا يجتمع مع التقييد والتعليق ، فلا يكون مانعا عن الظهور ، فالأولى الجمع بينهما ، فلا يرد هذا الإشكال على الشيخ قدسسره. (م).