الحكم في الجزاء على أحدهما عقليّا وعلى الآخر مولويّا ، فالمفهوم إنّما يكون بالنسبة إلى القيد الّذي يكون تعليق الجزاء عليه مولويّا دون القيد الآخر. فإن قال : «إن رزقت ولدا يوم الجمعة فاختنه» تكون القضيّة بالنسبة إلى يوم الجمعة ذات مفهوم ، وهذا الّذي ذكرنا لا يفرق الحال فيه بين تقدّم كلّ واحد منهما وتأخّره ، فالقضيّة تكون بالنسبة إلى القيود ـ التي لا تكون مقوّمة للموضوع بل أخذها من ناحية المولى ـ ذات مفهوم.
فبعد ذلك نقول : إنّ الآية الشريفة قد أخذ فيها قيدان : أحدهما : وجود النبأ. الثاني : كون الجائي به فاسقا ، ومن المعلوم أنّ تعليق الحكم على الأوّل وإن كان عقليّا إلّا أنّ القيد الآخر ـ وهو كون الجائي به فاسقا ـ مولويّ ، فلها دلالة على المفهوم من جهة هذا القيد الّذي لم يؤخذ لبيان تحقّق الموضوع ، فحينئذ يكون مرجع الآية إلى أنّ النبأ إن كان الجائي به فاسقا فتبيّنوا ، ومن الواضح أنّ معنى المفهوم عدم وجوب التبيّن إذا لم يكن الجائي فاسقا ، ولا يرد عليه ما ذكره الشيخ ـ قدسسره ـ من الإشكال.
نعم ، لو فرض كون مدلول الآية أنّه إن تحقّق نبأ فاسق ، يجب التبيّن فيه ، فلا يكون لها مفهوم ، ولكن فهم العرف يشهد بأنّ مساق الآية الشريفة أجنبيّ عن هذا المعنى ، بل يكون معناها كما ذكرنا.
ثمّ إنّه ربما يتوهّم أنّ النبأ الموضوع لوجوب التبيّن إمّا أن يكون خصوص النبأ الّذي جاء به الفاسق ، أي هذه الحصّة الخاصّة ، أو المراد أنّه طبيعي النبأ ، سواء جاء به الفاسق أو غيره ، ولكنّ الحكم بوجوب التبيّن لطبيعي النبأ مشروط بمجيء الفاسق.
فإن كان المراد به الأوّل ، فمن الواضح عدم دلالة الآية على المفهوم إلّا على القول بحجّيّة مفهوم الوصف ، لأنّ إثبات حكم لموضوع خاصّ لا يدلّ