عدالة أحد ونحو ذلك ممّا ليس في العمل به مظنّة الوقوع في المفسدة النوعيّة ، بل يكون فيه مظنّة الوقوع في المفسدة بالنسبة إلى شخص فقط ، فالمراد من الآية هو المنع عن العمل بخبر الفاسق لكونه موجبا لمظنّة الوقوع في المفسدة ، والتعبير بإصابة القوم بجهالة ، الظاهر في المفسدة النوعيّة إنّما هو لأجل أنّ خصوص مورد الآية ـ وهو إخبار الوليد عن ارتداد بني المصطلق ـ كان مترتّبا عليه المفسدة النوعيّة من قتل النفوس ونهب الأموال ونظائرهما ، فعلى هذا ، الميزان على تلك الكبرى الكلّيّة ، وهي معرضيّة الوقوع في المفسدة المترتّبة على مخالفة الواقع ، ومن المعلوم أنّ هذه الكبرى موجودة في خبر العادل أيضا ، لأنّه وإن لم يحتمل في حقّه الكذب العمدي لعدالته إلّا أنّه يحتمل في خبره الصدق والكذب وجدانا لأجل خطئه أو نسيانه ونحوهما ، فاحتمال الكذب المخبري غير موجود إلّا أنّ احتمال الكذب الخبري موجود ، فيكون العمل بخبره حينئذ في معرض الوقوع في المفسدة ، فيشمله عموم التعليل.
وهذا الإشكال في مقام إبداء المانع عن ظهور الشرطيّة في المفهوم بعد فرض ثبوت المقتضي له ، كما أنّ الإشكال الأوّل في مقام المنع عن أصل المقتضي.
والجواب عن هذا الإشكال : أنّ هذا إنّما يتمّ لو كان المراد من الجهالة هو عدم العلم ، فإنّ العادل والفاسق سيّان في عدم إفادة خبرهما العلم ، وليس المراد منها ذلك ، وإلّا يلزم التخصيص في موارد البيّنة ونحوها من الأمارات ، مع أنّ سياق التعليل آب عن التخصيص ، فلا يمكن أن يقال : «لا توقع نفسك في الهلكة إلّا في المورد الفلاني» فالمراد من الجهالة ليس عدم العلم ، بل المراد منها ـ كما هو الظاهر في الاستعمالات العرفيّة ـ هو السفاهة ، أي فعل ما لا ينبغي صدوره من العقلاء نوعا ، وحينئذ الفرق بين خبر العادل والفاسق في غاية