ولذا يقبل قول ذي اليد الفاسق في طهارة ما في يده أو ملكيّته له حتى لو كان كافرا ، وهكذا سوق المسلم والوثوق وإن كان من الطرق العقلائيّة التي أمضاها الشارع إلّا أنّه بمقتضى الأدلّة الدالّة على اعتبار البيّنة في باب المخاصمات علمنا أنّه في تلك الموارد لا يكون الوثوق ممضى عند الشارع ، فلذا لا يكون مصداقا للظهور والتبيّن ، وكذلك الحال في الإخبار عن الارتداد ، فإنّ مقتضى الدليل الدالّ على اعتبار البيّنة فيه هو : أنّ الوثوق فيه غير مفيد ، وليس من مصاديق الظهور عند الشارع ، ولذا لا يكون إخبار الفاسق الموثّق حجّة في باب الارتداد.
وبالجملة ، ليس المراد بالتبيّن هو الوثوق حتى يلزم تخصيص المورد ، لعدم حجّيّة خبر الفاسق ، الموثوق به في الارتداد ، بل المراد منه طلب الظهور ، فلا بدّ في كلّ مورد أخبر الفاسق عن شيء من أن يرى ما المصداق للظهور في ذلك المورد؟ والوثوق وإن كان مصداقا للظهور في جملة من الموارد إلّا أنّه ليس من مصاديقه في باب الارتداد والمخاصمات بمقتضى أدلّة اعتبار البيّنة في تلك الأبواب.
وهذا هو الوجه في تقيّد المفهوم في نحوها ، فإنّ مقتضى إطلاق المفهوم وإن كان حجّيّة خبر العادل مطلقا إلّا أنّ دليل اعتبار البيّنة يقيّد إطلاق المفهوم ، ويحكم بوجوب التعدّد في موارد خاصّة.
وقد أشكل أيضا بدلالة المفهوم بأنّ مقتضى حجّيّة قول العادل إنّما هو قبول قول السيّد ـ قدسسره ـ حيث أخبر بعدم حجّيّة خبر الواحد مستدلّا بالإجماع ، فحجّيّة خبر العادل ، الّذي منه هذا الخبر المنقول عن السيّد ـ قدسسره ـ مستلزمة لعدم حجّيّته ، فلزم من وجودها عدمها.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال ليس كالإشكالات السابقة في كونه مختصّا بخصوص آية النبأ ، بل يجري في جميع أدلّة حجّيّة خبر الواحد.