وفساد هذا التوهّم واضح ، لأنّ خبر السيّد وإن كان بنفسه متأخّرا عن زمان صدور الأخبار السابقة إلّا أنّ المخبر به بخبره لا يكون متأخّرا عنه ، لأنّه أخبر بعدم حجّيّة طبيعيّ الخبر في الشريعة ، ومن الواضح أنّه كما يشمل الأخبار اللاحقة كذلك يشمل السابقة أيضا ، وليس المخبر به بخبره عدم حجّيّة الأخبار اللاحقة فقط ، إذ احتمال النسخ مفقود قطعا ، مضافا إلى أنّه لو سلّم التصريح بعدم حجّيّة خصوص اللاحقة منها ، نقطع بعدم الفرق في ملاك القبول بعد عدم احتمال النسخ ، فيكون قول السيد رحمهالله على تقدير حجّيّته بمنزلة المعارض لأدلّة الحجّيّة.
هذا ، وقد أشكل إشكال سادس بأصل حجّيّة الخبر بأيّ دليل كانت ، وهو : أنّ أدلّة حجّيّة الخبر إنّما تنفع في الأخبار بلا واسطة ، وأمّا الأخبار مع الواسطة فلا.
ويمكن تقريب الإشكال بوجهين :
أحدهما ـ وهو يختصّ بخصوص الواسطة ـ : أنّ نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلة إلى المعلول في تقدّم رتبته عليه ، فلو كان الحكم علّة لوجود فرد من أفراد موضوعه ، فلا يمكن أن يشمل لذلك الفرد ، فإنّ الفرد حسب الفرض معلول للحكم ، فلو شمله ، لزم تقدّمه عليه (١) ، فيلزم تقدّم المعلول ـ الّذي هو الفرد ـ على علّته ـ وهو الحكم ـ وهو محال.
وحينئذ نقول : لو أخبر الشيخ عن المفيد ـ رحمهماالله ـ مثلا ، فإخبار الشيخ وجدانيّ ، وأمّا إخبار المفيد فليس بوجدانيّ قطعا ، وإنّما أحرز كون الخبر خبرا له بالتعبّد بوجوب تصديق الشيخ فيما أخبر به حيث إنّ المخبر به بخبره إنّما هو
__________________
(١) أي : تقدّم الفرد على الحكم.