كون هذا الخبر خبرا للمفيد ، وإحراز ذلك ليس إلّا بنفس أدلّة حجّيّة خبر الواحد ، فخبر المفيد معلول لهذه الأدلّة ، فلو كانت شاملة له ، يلزم تقدّمه عليها ، وتقدّم المعلول على علّته محال.
وثانيهما ـ الّذي يختصّ بذي الواسطة ـ هو : أنّ شمول أدلّة الحجّيّة لشيء إنّما يتوقّف على أحد أمرين : إمّا أن يكون ذلك الشيء بنفسه أمرا شرعيّا قابلا للوضع والرفع ، أو كونه موضوعا للأثر الشرعي مع قطع النّظر عن التعبّد به ، فلو أخبر العادل عن حرمة شرب الخمر أو خمريّة مائع ، تشمله أدلّة الحجّيّة ، وأمّا لو أخبر بأنّ العرش فوق الكرسي ، فلا معنى للتعبّد بخبره هذا ، الّذي ليس أثرا شرعيّا ولا موضوعا للأثر الشرعي.
ففي الخبر بلا واسطة ـ سواء كان المخبر به حكما شرعيّا أو موضوعا ذا حكم شرعي ـ حيث إنّه بنفسه قول المعصوم ، يكون مشمولا للأدلّة ، وأمّا الأخبار مع الواسطة فحيث لا أثر لها إلّا نفس وجوب التصديق فإنّ المخبر به بخبر الشيخ ـ وهو خبر المفيد ـ ليس أثرا شرعيّا ولا موضوعا ذا أثر كذلك مع قطع النّظر عن التعبّد به ، فلا تشمله الأدلّة.
وأمّا الجواب عن كلا التقريبين فبالنقض أوّلا : بموارد الإقرار على الإقرار والبيّنة على البيّنة ، إذ لو أقرّ المنكر عند الحاكم بإقراره السابق على طبق قول المدّعي ولكن ادّعى أنّ إقراره كان كذبا ، لا إشكال ولا خلاف في أنّه يؤخذ بإقراره ، لأنّه يثبت بإقراره الثاني إقراره الأوّل ، مع أنّ مقتضى ما ذكر عدم ثبوته ، لأنّ ثبوت الإقرار الأوّل معلول للحكم بنفوذ الإقرار الثاني ، فكيف يمكن أن يصير مشمولا لنفس هذا الحكم!؟ وهكذا أيّ أثر مترتّب على الإقرار الثاني مع قطع النّظر عن هذا الحكم ، لأنّ متعلّقه هو الإقرار الأوّل ، وهو لا يكون حكما شرعيّا ولا موضوعا له.