من هذا القبيل ، فإنّ وجوب العمل بخبر العادل في ضمن فرد منه ـ وهو خبر الشيخ رحمهالله مثلا ـ يوجب إثبات فرد آخر لموضوع نفسه ـ وهو خبر المفيد رحمهالله ـ ويكون موجبا لتطبيق موضوع نفسه على قول المفيد ، فعلى هذا لا يحتاج إلى تعدّد الدليلين في هذه الحكومة.
والوجه فيه : أنّ الحكومة بين المدلولين لا بين الدليلين ، وفي المقام المدلولان ـ وهما الحكمان اللذان يكونان مدلولين لدليل «صدّق العادل» ـ متغايران وإن كان دليلهما واحدا.
بقي في المقام شيء ، وهو : أنّ المتأخّرين إنّما يعملون في الكتب الفقهيّة بأربعة أقسام من الخبر :
الأوّل : الصحيح ، والمراد به ما كان جميع رواته عدلا إماميّا.
الثاني : الحسن ، والمراد منه ما كان رواته جميعا إماميّين ممدوحين بالخير والسداد ، ومتحرّزين عن الكذب ، وكان فيهم غير معدّل.
الثالث : الموثّق ، والمراد منه ما كان رواته موثّقين وإن لم يكونوا إماميّين.
الرابع : الضعيف المنجبر بعمل الأصحاب.
فهل جميع الأقسام داخلة في الآية الشريفة أم لا؟
لا إشكال في دخول الأوّل منها ، بل هو المتيقّن منه ، كما أنّه لا إشكال في دخول الأخير في المنطوق ، فإنّ الفحص والتفتيش عنه وملاحظة عمل المشهور به تبيّن عن أحواله ، وموجب للوثوق والاطمئنان بصدقة ، فإنّ عملهم به مع فسق راويه كاشف عن وجود قرينة دالّة على الصدق وإن كان الراوي متّهما بالكذب.
وأمّا الوسطان : فيمكن تقريب الآية على وجه يكونان داخلين في المفهوم ، ويمكن تقريبها على وجه يوجب إدخالهما في المنطوق.