بصدق الراوي تبيّن عن الخبر ، فيسمع قول راويه وإن كان فاسقا ، فيدخل القسمان كالأخير في المنطوق ، والأوّل في المفهوم ، فاستفيد حكم الجميع من الآية.
ومن جملة الآيات التي استدلّ بها على حجّيّة الخبر الواحد : قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)(١).
وتقريب الاستدلال بها : أنّ المراد بالحذر في قوله : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) هو التحفّظ والتحرّز العملي والاجتناب عن المحذور في مقام العمل لا الخوف النفسانيّ الّذي يوجب التحرّز الخارجي ، وعلى هذا لا نحتاج في الاستدلال إلى ضمّ الإجماع المركّب ، أو أنّ الحذر إذا كان حسنا ، فلا محالة يكون واجبا ، فإنّ جميع ذلك موقوف على كون المراد من الحذر هو نفس الخوف النفسانيّ لا الفعل الخارجي المترتّب عليه ، وأنّ كلمة «لعلّ» سواء وقعت في كلامه تعالى أو غيره ظاهرة في علّيّة ما بعدها لما قبلها ، فيكون الحذر في المقام علّة غائيّة لوجوب الإنذار.
ثمّ إنّ الغاية المترتّبة على واجب إمّا أن تكون فعلا من أفعال المكلّف أو لا ، وما يكون من أفعاله إمّا [أن] يكون تحت اختياره أو لا.
فما لا يكون من أفعاله ، مثل أن يقال : «استغفر الله لعلّه تعالى يغفرك» أو يكون من أفعاله ولكنّه ليس تحت اختياره ، كقول الطبيب : «اشرب هذا الدواء لعلّك تصحّ» لا يتعلّق التكليف به قطعا ، ووجهه ظاهر.
وأمّا ما يكون من أفعاله وتحت اختياره ، كما فيما نحن فيه ، فإنّ الحذر
__________________
(١) التوبة : ١٢٢.