العدّة ، فإنّ حكمتها عدم اختلاط المياه ومع ذلك تجب على كلّ امرأة ولو كانت عقيمة لا تحمل أبدا ، وباب استحباب غسل الجمعة لكلّ أحد ولو لم تكن حكمة الجعل موجودة فيه ، وهو رفع أرياح الآباط ، وباب وجوب شهادة الشاهد ولو كان واحدا مطلقا إذا ما دعي ، مع أنّ شهادة الواحد لا يترتّب عليها أثر لو لم ينضمّ إليه شاهد آخر أو يمين في بعض الموارد.
وممّا استدلّ به على حجّيّة الخبر الواحد : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١) بتقريب أنّ وجوب السؤال يستلزم وجوب قبول الجواب ، وإلّا لغا وجوب السؤال ، وإذا كان قبول الجواب واجبا عند السؤال عمّا سمعه الراوي من الإمام عليهالسلام يجب ابتداء (٢) أيضا ، لعدم الخصوصيّة للسؤال قطعا.
ويرد عليه أوّلا : أنّ المراد من أهل الذّكر في الآية هو أهل العلم ظاهرا والراوي بما هو راو ليس من أهل العلم ، فالآية ـ لو سلّمت دلالتها على وجوب العمل بالجواب ـ تدلّ على حجّيّة قول المفتي لا الراوي.
وما أفاده صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ من أنّ الآية تدلّ على حجّيّة قول بعض الرّواة مثل زرارة ومحمد بن مسلم وغيرهما ممّن يكون عالما وفقيها وتثبت حجّيّة قول غيرهم بعدم القول بالفصل (٣) قد عرفت فساده وأنّ حجّيّة قول الرّواة
__________________
ـ الحكمة إلّا دوران الحكم مدارها عند الكلّ ، وعدمه ، فإذا أخذ شيء علّة غائيّة ، فالحكم النفسيّ يدور مداره دائما ، وفيما نحن فيه لا بدّ وأن لا يجب الإظهار على من انحصر الخبر عنده ، والحكم في موارد عدم العلّة ليس حكما نفسيّا ناشئا عن الملاك ، بل حكم ابتدائي طريقي جعل تحفّظا على الملاكات الواقعيّة. (م).
(١) النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧.
(٢) أي من غير سؤال.
(٣) كفاية الأصول : ٣٤٥.