المذكورين لو كانت بما هم رواة لا بما هم أهل العلم لكان لإثبات المطلوب بالإجماع المركّب وجه لكنّه ليس كذلك ، فمن هذه الجهة لا إشكال فيه ولكن فيه ما عرفت آنفا من أنّ المراد من الفقيه هو مطلق أهل اللسان لا معناه المصطلح في هذا العصر على الفرض.
وثانيا : أنّ الظاهر من وجوب السؤال عند عدم العلم وجوب تحصيل العلم لا وجوب قبول الجواب تعبّدا ، فإنّ العرف لا يفهمون من قولك : «سل إن كنت جاهلا» إلّا رفع الجهل بالجواب ، وهذا الجواب متين جدّاً.
ثمّ إنّ ظاهر الآية ـ بمقتضى السياق ـ أنّ المراد من أهل الذّكر هو علماء أهل الكتاب ، وفسّر في الأخبار المستفيضة بالأئمّة (١) سلام الله عليهم أجمعين ، ولا منافاة بينهما أصلا ، لأنّ أهل الذّكر هم الذين يرجع إليهم ويحتجّ بقولهم ، فبالقياس إلى علائم النبوّة وصفات النبيّ ، التي هي مكتوبة في التوراة كان علماء اليهود ـ لاطّلاعهم على جميع ذلك ـ من أهل الذّكر ، الذين يرجع إليهم اليهود ، ويحتجّون بقولهم وإن كان الأئمّة سلام الله عليهم أيضا عالمين بها ، بل هم عليهمالسلام أعم وأخبر بذلك منهم بمراتب إلّا أنّهم عليهمالسلام حيث كانوا من فروع النبوّة لا يصحّ الاحتجاج بقولهم في علائم النبوّة وصفات النبي صلىاللهعليهوآله ، ولكنّهم أهل الذّكر بالنسبة إلى الأحكام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما أنّ الفقهاء أهل الذّكر بعدهم سلام الله عليهم.
ومن الآيات قوله تعالى : (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(٢).
وحاصل الاستدلال بها : أنّ الله تبارك وتعالى مدح رسوله صلىاللهعليهوآله بتصديقه
__________________
(١) انظر : الوسائل : ٢٧ : ٦٢ ، أحاديث الباب ٧ من أبواب صفات القاضي.
(٢) التوبة : ٦١.