فصل :
في الأخبار التي استدلّ بها لحجّيّة الخبر الواحد.
لا يخفى أنّ الاستدلال بالأخبار يتوقّف على قطعيّة صدورها ، وهي إمّا بتواترها لفظا بأن تكون بألفاظها منقولة بكثرة امتنع تواطؤ الناقلين على الكذب ، أو معنى بأن يكون معنى مشتركا بين جميعها منقولا كذلك أو إجمالا بأن يكون واحد منها مقطوع الصدور ، فيؤخذ بأخصّها مضمونا ، فإن دلّ الأخصّ على حجّيّة الأعمّ ، كما إذا كان مفاد الأخصّ حجّيّة خبر الثقة العادل ووجدنا خبرا كذلك دلّ على حجّيّة مطلق خبر الثقة ، فنتمسّك به ، ونثبت حجّيّة خبر الثقة مطلقا.
ثمّ إنّ شيخنا الأستاذ أنكر القسم الثالث (١) ، ولا وجه له ، ضرورة أنّا لا نحتمل كذب جميع الأخبار التي تكون في الوسائل أو في الكتب الأربعة ، بل نقطع بصدور جملة منها قطعا وجدانيّا لا يشوبه شكّ ولا ريب.
وهي ـ على ما جمعها وضبطها شيخنا العلّامة الأنصاري أعلى الله مقامه وشكر الله سعيه ـ على طوائف أربع :
الأولى : هي الأخبار العلاجيّة الواردة في مقام تعارض الأخبار ، فإنّها تدلّ على أنّ حجّيّة الأخبار غير القطعية مفروغ عنها عند أصحاب الأئمّة سلام الله عليهم أجمعين ، وإنّما سؤالاتهم كانت للعلاج في مقام التعارض بين الخبرين غير القطعيّين ، إذ لا يمكن التعارض بين القطعيّين ، وما يكون أحدهما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١١٣.