فصل :
في الوجوه العقليّة التي استدلّ بها على حجّيّة أخبار الآحاد :
أحدها : أنّه نعلم ـ من شدّة اهتمام الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ في تهذيب الأخبار وضبطها وتعيين رواتها وتميز ثقاتهم عن غيرهم وكثرة التعب في ذلك ـ علما إجماليّا بصدور كثير من الأخبار الموجودة في كتبنا المعتبرة بمقدار واف بمعظم الفقه ، ومقتضاه وجوب العمل بجميع هذه الأخبار.
وتوضيح هذا الوجه بوجه يسلم عمّا أورده عليه الشيخ (١) قدسسره وقرّره شيخنا الأستاذ (٢) قدسسره ـ من أنّ لازمه الاحتياط في سائر الأمارات من الشهرات والإجماعات المنقولة وأمثالها لا في خصوص هذه الأخبار ـ : أنّ لنا علوما إجماليّة ثلاثة :
الأوّل : العلم الإجمالي بثبوت تكاليف في الشريعة المقدّسة ، ومنشأ هذا العلم هو العلم بثبوت أصل الشريعة ، فإنّه ملازم مع هذا العلم.
ولا يخفى أنّ كلّ ما يحتمل فيه التكليف من المظنونات والموهومات والمشكوكات يكون من أطراف هذا العلم.
الثاني : العلم الإجمالي بثبوت تكاليف في ضمن أخبارنا الموجودة في الكتب المعتبرة للشيعة والموجودة في صحاح العامّة وفي ضمن الشهرات والإجماعات المنقولة وسائر الأمارات الظنّيّة ، ومنشأ هذا العلم تراكم هذه الأمارات الكثيرة المتقنة ، ودائرة هذا العلم أضيق من الأوّل ، لخروج
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٠٣ ـ ١٠٤.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١١٧ ـ ١٢٠.