أصل التكليف ، فهو مورد البراءة ، وإن كان في المكلّف به فإن أمكن الاحتياط ، فهو مورد الاشتغال ، وإلّا فهو مورد التخيير (١).
وأمّا قاعدة ـ أصل ـ الطهارة : فهي وإن كانت أيضا من القسم الرابع من المباحث الأصوليّة إلّا أنّها حيث كانت متسالما عليها ولم تكن خلافيّة لم تذكر في الأصول ، وأمّا كونها مختصّة ببعض أبواب الفقه ـ كما في الكفاية (٢) ـ فلا يصير وجها لعدم الذّكر ، إذ المناط في كون المسألة أصوليّة كونها متوقّفا عليها الاستنباط في الجملة لا في جميع أبواب الفقه ، وكثير من المسائل الأصوليّة من هذا القبيل ، كمسألة الضدّ والنهي عن العبادة واجتماع الأمر والنهي ، فإنّها مختصّة ببعض أبواب الفقه حيث لا تجري في بعض الحدود والدّيات وأمثالها ممّا لم يكن في البين أمر ونهي.
وربما يقال في وجه خروج قاعدة الطهارة عن البحث : إنّ النجاسة والطهارة ليستا بأمرين مجعولين ، كالملكيّة والزوجيّة حتى يكون الشكّ فيهما شكّا في التكليف ، بل هما أمران خارجيّان تكوينيّان كشف عنهما الشارع وجعلهما موضوعا للأحكام من وجوب الاجتناب وجواز الشرب والوضوء وغير ذلك ، وحينئذ تكون الشبهة موضوعيّة خارجة عن محلّ الكلام.
والجواب : أنّه إن كان المراد أنّ الشارع أخبر بما له خاصّيّة خارجيّة من دون أن تكون تلك الخاصّيّة موجبة لحدوث ملاك في جعلهما ، فهو خلاف ظاهر أخبار الباب. وإن كان المراد إخباره بما له خاصّيّة توجب ذلك ، فهو عين أنّهما مجعولان ، كما هو ظاهر.
ثمّ إنّه يقع الكلام أوّلا في الأصل الثاني من هذه الأصول الأربعة ، وهو
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢ و ١٩٢.
(٢) كفاية الأصول : ٣٨٤.