تحريميّة (١) ، نظرا إلى اختصاص بعض أدلّة المقام بخصوص بعض هذه الأقسام ، مثل قولهعليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (٢) فإنّه مختصّ بالشبهة التحريميّة.
وكيف كان فقد وقع الكلام في جريان البراءة وعدمه في المقام بين الأصوليّين والأخباريّين ، فذهب الأصوليّون كلّا إلى الأوّل ، والأخباريّون طرّا إلى الثاني.
والظاهر أنّ النزاع بينهما مختصّ بالشبهات التحريميّة ، وأمّا الوجوبيّة فلم يستشكل أحد في جريان البراءة فيها إلّا المحدّث الأمين الأسترآبادي من الأخباريّين على ما نسب إليه (٣).
وقد استدلّ على البراءة بالأدلّة الأربعة.
أمّا الكتاب : فبآيات أظهرها قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)(٤) وتقريب الاستدلال بها أنّ بعث الرسول كناية عن إتمام الحجّة والبيان ، وهذا نظير قولك : «لا أبرح من هذا المكان حتى يؤذّن المؤذّن» فإنّه كناية عن دخول الوقت. وليس المراد منه مجرّد بعث الرسول ولو لم يتمّ الحجّة على الأمّة ولم يخرج من داره أصلا ، قطعا ، وظاهر (ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ) ليس مجرّد نفي التعذيب ، بل ظاهره ـ كما يظهر لمن لاحظ نظائره من قوله تعالى : (ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا)(٥) وقوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٩٢.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٧.
(٣) انظر : فرائد الأصول : ٢٢٧.
(٤) الإسراء : ١٥.
(٥) مريم : ٢٨.