ولو سلّمنا ظهورها في عدم وقوع العذاب الدنيويّ فقط ، فنقول : إنّ العذاب الأخروي لكونه أشدّ منه بمراتب فأولى بالعدم مع عدم إتمام الحجّة.
وبالجملة ، دلالة الآية على عدم صحّة العذاب مع عدم إتمام الحجة والبيان ظاهرة لا ينبغي الشكّ فيها إلّا أنّها مع ذلك لا ترفع الغائلة بين الأخباري والأصولي ، فإنّ الأخباري يسلّم هذه الكبرى ولا يدّعي أنّ العقاب على ما لم تتمّ عليه الحجّة من المولى صحيح ، بل ينكر الصغرى ويدّعي أنّ مورد الشكّ في التكليف ليس من مصاديق هذه الكبرى ، لتماميّة الحجّة ، وهي ورود روايات دلّت على لزوم الاحتياط ، مثل : «قف عند الشبهة فإنّ الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة» (١) و «أخوك دينك فاحتط لدينك» (٢) فلا بدّ من بيان عدم دلالة هذه الروايات ، وأنّ الأمر بالاحتياط في جميعها للإرشاد ، كما يأتي إن شاء الله ، وأنّه على تقدير دلالتها فهي معارضة بما هو أقوى منها من الأخبار الدالّة على البراءة ، فهذه الآية لا يمكن الاستدلال بها على البراءة إلزاما للأخباري.
وأمّا السنّة فروايات :
منها ـ وهي العمدة ـ : حديث الرفع ، وهو قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع عن أمّتي تسعة أشياء : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه ، والطيرة ، والحسد ، والتفكّر في الوسوسة في الخلق» (٣) ومحلّ الشاهد هو فقرة «ما لا يعلمون».
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٤٧٤ ـ ١٩٠٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥٩ ، الباب ١٥٧ من أبواب مقدّمات النكاح ، الحديث ٢.
(٢) أمالي الطوسي : ١١٠ ـ ١٦٨ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.
(٣) الخصال : ٤١٧ ـ ٩ ، التوحيد : ٣٥٣ ـ ٢٤ ، الوسائل ١٥ : ٣٦٩ ، الباب ٥٦ من أبواب ـ