الخارج وعدمه لا دخل لهما في صحّة هذا الإسناد على نحو الحقيقة ، فوضع الفعل في الشريعة كتبه على العباد وجعله على رقبتهم ، كأنّه حمل حمل عليهم ، كما في قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(١) نظير ما يقال : إنّ هذا المال على زيد ، أي : ثابت في ذمّته ولو لا يعطي خارجا أبدا ، ورفع الفعل في الشريعة عدم جعله على رقبتهم وعدم تحميلهم بهذا الحمل بحيث يكونون أحرارا في اختياراتهم.
فظهر أنّ إسناد الرفع إلى جميع هذه العناوين المذكورة في الحديث على نحو الحقيقة ، فلا وجه لإرادة خصوص الموضوع المشتبه من الموصول في «ما لا يعلمون» هذا أوّلا.
وثانيا : لو سلّم اختلاف الفقرات في الإسناد من حيث الحقيقة والمجاز ، فلا نسلّم لزوم الحقيقة والمجاز كليهما في إسناد الرفع إلى لفظ التسعة ، بل الإسناد فيه مجازي ، نظير ما لو قيل : الله والربيع أنبتا البقل ، حيث أسند الإنبات إلى ضمير التثنية ، الراجع إلى الله الّذي إسناد الإنبات إليه حقيقي ، والربيع الّذي إسناد الإنبات إليه مجازي ، وذلك لأنّ الإسناد الحقيقي عبارة عن إسناد الفعل أو شبهه إلى ما هو له ، وهذا لا يتحقّق إلّا فيما يكون المسند إليه ممّا هو له بجميع أفراده ، أمّا لو لم يكن بعض أفراده كذلك كالمثال ، فلا يكون المسند إليه ممّا هو له ، فلا يكون الإسناد حقيقيّا ، إذ المركّب من الداخل والخارج خارج ، ولا يلزم من ذلك أن يكون الإسناد على نحوين باعتبار مصاديق المسند إليه ، وانحلال هذا الإسناد الواحد بإسنادات متعدّدة حسب تعدّد مصاديق المسند إليه في الواقع لا ربط له بمقام اللفظ والتركيب الكلامي الّذي هو المناط في الحقيقة
__________________
(١) البقرة : ١٨٣.