عقاب هتكه والجرأة عليه (١).
وذلك لما عرفت من أنّ العقاب دائما ليس إلّا على هتك حرمة المولى ، ففي فرض المصادفة أيضا ليس إلّا سبب واحد للعقاب.
ولا لما أفاده في الكفاية (٢) من أنّ العقاب ليس على الفعل المتجرّى به ، بل على قصد العصيان وإرادة الطغيان ، الناشئة عن سوء سريرته وشقاوته الذاتيّة له ، والذاتيّ لا يعلّل ، والسؤال عنه مساوق للسؤال عن أنّه لم يكون الإنسان ناطقا والحمار ناهقا؟ ، لما عرفت من أنّ العقاب على أمر اختياريّ ملتفت إليه ، وهو الهتك ، وقد مرّ في بحث اتّحاد الطلب والإرادة أنّ السعادة والشقاوة ليستا ذاتيتين للإنسان ، وذكرنا وجهه مفصّلا ، فراجع.
بقيت أمور :
الأوّل : أنّ شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ ذكر وجها لاستحالة استتباع القبح الفعلي ـ على تقديره ـ للحكم الشرعي بعد ما أنكر اتّصاف الفعل المتجرّى به بالقبح ، وهو : أنّ جعل الحكمين على عنوانين بينهما عموم من وجه من الوضوح بمكان ، كما إذا ورد «لا تكرم الفاسق» ثم ورد «لا تكرم ولد الزنا» ولا مانع منه ، ففي مورد الاجتماع يتأكّد الحكم ، ويندكّ أحد الملاكين في الآخر ، وفي مورد الافتراق يصير كلّ من الحكمين فعليّا والمكلّف يتمكّن من امتثال كلا الحكمين ويمكنه الانبعاث عن كلا البعثين ، وهذا ممّا لا ينكر ولا شبهة فيه في الجملة وفي غير ما يكون أحد العنوانين هو القطع بشيء.
وأمّا فيه فيستحيل ذلك ، وذلك لأنّ عنوان مقطوع الخمريّة ، والخمر وإن كان بينهما عموم من وجه ـ لتصادقهما في فرض المصادفة للواقع ، وتفارقهما
__________________
(١) الفصول : ٨٧.
(٢) كفاية الأصول : ٣٠٠ و ٣٠١.