من أن يتعلّق الرفع أيضا بالفعل ، فهو المرفوع في ظرف الجهل عن الأمّة ، وأمّا التكليف والحكم فلا يوضع في ذمّة المكلّف ولا يجعل على رقبته ولا يثبت في عهدته حتى يكون مرفوعا بمقتضى الحديث.
والجواب : أنّ متعلّق الوضع والرفع يختلف باختلاف ظرفهما ، فإن كان ظرف الوضع والرفع هو عهدة المكلّف وذمّته ورقبته ، فيكون المتعلّق هو الفعل في كليهما ، فإنّه الّذي هو ثابت في الذمّة أو مرفوع عنها ، وإن كان ظرف الوضع والرفع هو الدين والشريعة ، فالمتعلّق هو نفس الحكم ، فإنّه الّذي هو ثابت في الشريعة المقدّسة وموضوع في الدين ، وظاهر الحديث أنّ ظرف الرفع هو الدين وأنّه رفع عن أمّتي في دين الإسلام والشريعة المقدّسة تسعة أشياء ، ويؤيّد ذلك لفظ «عن أمتي» المشعر باختصاص الرفع بهذه الأمّة من دون سائر الأمم وفي هذا الدين دون سائر الأديان ، فالمرفوع هو نفس الحكم المجهول.
ومنها : أنّ الحديث شامل للشبهات الموضوعيّة بلا كلام ، فلو كان شاملا للشبهات الحكميّة أيضا ، لزم أن يستعمل لفظ «ما» في «ما لا يعلمون» في معنيين : الموضوع والحكم ، وهو إمّا غير جائز أو خلاف الظاهر.
والجواب : أوّلا : ما ذكرناه سابقا من أنّ المراد بالموصول هو «الشيء» فالمعنى شيء واحد ، وهو مفهوم «الشيء» غاية الأمر ينطبق تارة على الفعل الخارجي وأخرى على الحكم.
وثانيا : نلتزم بأنّ المراد من الموصول هو الحكم فقط ، سواء كان كلّيّا أو جزئيّا ، فيشمل الشبهات الحكميّة والموضوعيّة معا.
أمّا الأوّل : فواضح.
وأمّا الثاني : فلأنّ الموضوع المشتبه بواسطة أمور خارجيّة أيضا ممّا لا نعلم حكمه الجزئي فهو مرفوع ، ولا فرق في الجهل بالحكم الكلّي والجزئي