حكم آخر للفعل بعنوانه الثانوي ، فإنّ الحديث ناف لا مثبت.
بقي توهّم رفع حكم وجوب قضاء الصلاة المضطر إلى التكلّم فيها ، أو الصوم المكره على الأكل فيه ، نظرا إلى أنّه أيضا أحد الأحكام الثابتة للصلاة والصوم قبل عروض الاضطرار أو الإكراه ، فيكون مرفوعا بعروض ذلك ، وسيجيء الجواب عنه.
هذا كلّه في العبادات ، وقد عرفت أنّ حديث الرفع لا يرفع الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة فيها.
والّذي يوضّح مدّعانا غاية التوضيح هو : أنّ الحكم الوجوبيّ أو التحريمي يصحّ أن يقال : إنّه ثابت على المكلّف أو مرفوع عنه ، وهكذا الفعل الواجب يصحّ أن يقال : ثابت عليه أو مرفوع عنه ، وكما يقال : عليه دين أو ليس عليه دين ، كذلك يقال : مات زيد وعليه صوم أو صلاة ، أو ليس عليه صوم أو صلاة ، فالحكم الوجوبيّ أو التحريمي وهكذا الفعل الواجب يصحّ أن يقال : ثابت عليه أو مرفوع عنه ، وهذا بخلاف الفعل الحرام ، فإنّه لا يصحّ وضعه على المكلّف بأن يقال : شرب الخمر ثابت على المكلّف ، فلا يصحّ رفعه في عالم التشريع أيضا بأن يقال : شرب الخمر مرفوع عن المكلّف.
وحينئذ نقول : لو كان الحديث مختصّا بخصوص الواجبات ، لكان ظاهرا في رفع ذات الفعل وذات الموضوع في عالم التشريع ، ولكان من قبيل «لا ربا بين الوالد والولد» ولكن حيث إنّه ليس كذلك بل هو عامّ شامل للواجبات والمحرّمات والمعاملات فلا معنى لكونه رافعا للفعل الحرام في عالم التشريع إذا تعلّق به الإكراه أو الاضطرار ، فلا مناص عن كونه رافعا لموضوعيّة الموضوع ، بمعنى أنّه ينفي كون شرب الخمر عن إكراه موضوعا للحرمة ، وهذا ملازم لكونه رافعا للحكم ، فإنّهما متضايفان من قبيل الأبوّة