ولا يبيع داره التي رضي ببيعها مع كثرة علاقته بها لرفع اضطرارها ، ومن الواضح أنّه خلاف الامتنان ، والمكره لا يكون كذلك بالوجدان ، بل بحكم الشارع بالبطلان يردّ ماله وينتفع به ، وهذا امتنان محض.
ثمّ إنّ الامتنان لا بدّ وأن يكون بالإضافة إلى نوع المكلّفين ، فإنّ ظاهر الحديث ـ كما يستفاد من قرينة «عن أمّتي» ـ أنّ الرفع امتنان على الأمّة ، فلو كان رفع الحكم امتنانا بالقياس إلى شخص وخلاف الامتنان بالإضافة إلى نوع المكلّفين ، كما إذا أتلف أحد مال أحد نسيانا أو خطأ ، لا يرتفع الضمان عن المتلف ، فإنّه وإن كان امتنانا في حقّه إلّا أنّه إضرار بالغير.
نعم ، ترتفع حرمة الإتلاف بعروض هذه العوارض بحديث الرفع.
فظهر من جميع ما ذكرنا أنّ الشبهات الحكميّة والموضوعيّة كلّها مورد للبراءة بمقتضى هذا الحديث الشريف وأنّه لا ريب في صحّة سنده وتماميّة دلالته.
ومنها : قوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (١).
وهذه الرواية ربما يقال : إنّها أقوى دلالة من حديث الرفع ، إذ لا يرد عليه ما أورد على حديث الرفع من اختصاصه بالشبهات الموضوعيّة من جهة عدم ذكر عنوان «ما اضطرّوا إليه» و «ما استكرهوا عليه» وغيرهما ممّا يختصّ بالشبهات الموضوعيّة فيه.
وأورد عليه ما أورد على حديث الرفع من أنّ «ما» لو أريد به الحكم المجهول والموضوع المشتبه كلاهما ، لزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد.
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٤ ـ ٣ ، التوحيد : ٤١٣ ـ ٩ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٣ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣.