شمول الرواية للشبهات الحكميّة (١).
وهذا الّذي أفاده تامّ لو كان حمل الرواية على الترديد والتقسيم الوهميّ صحيحا خلاف الظاهر ، وليس الأمر كذلك بعد ما تأمّلنا موارد استعماله ، بل يعدّ استعمال مثل هذا الكلام ـ الّذي يدلّ على التقسيم ـ في مقام الترديد غلطا عند العرف ، فلا مناص من إرادة التقسيم الفعلي.
مضافا إلى أنّ ترجيحه ـ قدسسره ـ الاحتمال الأوّل بلا وجه ، إذ «الشيء» من المفاهيم العامّة القابلة للانطباق على الموجودات الخارجيّة والمفاهيم الكلّيّة والممكنات والممتنعات ، كما لا يخفى.
فالحقّ ما أفاده الشيخ ـ قدسسره ـ من اختصاص الرواية بالشبهات الموضوعيّة ، ويكون مفادها ـ كسابقتها ـ أنّ كلّ شيء مثل المائع فيه حلال كالخلّ وحرام كالخمر ، فيكون المشكوك كونه من أحدهما لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه ، أي تعرف أنّ المشكوك هو الحرام بعينه ، وليس المراد : حتى تعلم بحرام في الشرع ولو كان غير هذا المشكوك بحيث لو شكّ في لحم الحمار وعلم بحرمة لحم الأرنب لكان كافيا للحكم بحرمة لحم الحمار ، فإنّه بديهيّ البطلان.
ومنها : قوله عليهالسلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» (٢) بإضافة لفظ «سعة» إلى «ما» الموصولة ، ومفاده على هذه القراءة مفاد «رفع ما لا يعلمون» فإنّ مفاد «رفع ما لا يعلمون» أيضا هو أنّ الناس ليسوا في ضيق الأحكام المجهولة لهم بحيث يجب عليهم الاحتياط ، بل هم في سعتها ، فلا يضيقوا على أنفسهم
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٨٥.
(٢) الكافي ٦ : ٢٩٧ ـ ٢ ، الوسائل ٣ : ٤٩٣ ، الباب ٥٠ من أبواب النجاسات ، الحديث ١١ نحوه.