وأمّا ثانيا : فلأنّ جعل حكم لعنوان عامّ ومثله لعنوان خاصّ ممكن بل واقع في الشريعة ، مثلا : عنوان لمس بدن الأجنبيّة محكوم بالحرمة ، وعنوان التقبيل ـ الّذي لا ينفكّ عن اللمس ـ أيضا محكوم بالحرمة ، وصلاة الظهر واجبة ، ولو تعلّق بها النذر أيضا محكومة بالوجوب مع أنّ الخاصّ دائما يجتمع فيه عنوانان ولا يلزم فيه اجتماع المثلين ، بل يتأكّد ، كما في مورد الاجتماع في العامّين من وجه ، ويندك أحد الملاكين في الآخر لا محالة ، فإذا كان هذا المعنى ممكنا ، فمن الممكن أن تكون حرمة مقطوع الخمريّة من قبيل حرمة اللمس ، الّذي لا ينفكّ عن الخمر بنظر القاطع ، وحرمة الخمر الواقعي من قبيل حرمة التقبيل ، فلو جعل حكم للخمر الواقعي والآخر لمقطوع الخمريّة ، فالقاطع إن صادف قطعه الواقع ، فلا محالة تتأكّد الحرمة ، كحرمة التقبيل الملازم مع اللمس ، ووجوب الصلاة عند تعلّق النذر بها ، وإن لم يصادف ، فليس فيه إلّا ملاك واحد ، كاللمس ، وليس من اجتماع المثلين في شيء ، فالوجه في الاستحالة ما ذكرنا. وهذا الوجه ليس بوجيه.
الأمر الثاني : أنّه ربما يستدلّ على حرمة التجرّي بالإجماع على حرمة تأخير الصلاة لمن ظنّ تضيّق الوقت ، وأنّه معصية ـ ولو انكشف خلافه بعد ذلك وظهر أنّ الوقت واسع ـ وبالاتّفاق على وجوب الإتمام لمن ظنّ بالخطر في السفر وسافر ، لكونه معصية ولو انكشف بعد ذلك كون الطريق مأمونا لا خطر فيه ، ولو لا حرمة الفعل المتجرّى به ، لما حكموا بالمعصية في صورة انكشاف الخلاف.
وهذا الإجماع المدّعى في هذين الموردين ـ على تقدير تسليمه ـ لا يفيد شيئا ، فإنّ حرمة تأخير الصلاة موضوعها ـ كما يستفاد من بعض الروايات ـ هو