لا يرضى الشارع بالوقوع في مخالفتها ولو احتمالا ، كما في الأموال الخطيرة والأعراض والنفوس ، إلّا أنّ على الشارع حينئذ جعل الاحتياط للتحفّظ عليها ، وكلّما لم يوجب الاحتياط تجري قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ثمّ إنّ القاعدة تدلّ على البراءة مع عدم تماميّة أخبار الاحتياط ، وإلّا فلو تمّت فلا مورد للقاعدة ، فلا يمكن الاستدلال بالقاعدة في قبال الأخباري المدّعي لوجود البيان بواسطة أخبار الاحتياط.
تذييل : وممّا استدلّ على البراءة في المقام هو الاستصحاب ، وتقريره بوجهين :
أحدهما : استصحاب عدم المنع ، الثابت حال الصغر.
وقد نوقش فيه بوجوه :
الأوّل : ما نسبه صاحب الكفاية إلى الشيخ ـ قدسسره ـ من أنّ المستصحب لا بدّ وأن يكون شيئا قابلا للتعبّد بأن يكون حكما مجعولا أو موضوعا ذا حكم مجعول ، وعدم المنع ـ حيث إنّه أزليّ وغير مقدور للمكلّف والشارع ـ لا يكون قابلا للتعبّد ، وليس له أثر يكون كذلك أيضا ، فلا يمكن أن يقع موردا للتعبّد الاستصحابي (١).
والجواب : أنّ العدم مقدور بقاء واستمرارا ، فعدم التكليف كنفس التكليف مقدور للشارع ، ولا معنى لكون التكليف تحت اختيار الشارع وعدم التكليف خارجا عن تحت اختياره ، إذ نسبة القدرة إلى طرف الوجود والعدم على حدّ سواء بالوجدان ، فلا مانع من استصحاب عدم المنع ، الثابت حال الصغر من هذه الجهة.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٧٥ ، وانظر : فرائد الأصول : ٢٠٤.