الصبي في هذه الحال قابلا لوضع قلم التكليف عليه ، وليس كالبهائم ، فالتعبّد إنّما يكون بنفس هذا العدم المضاف إلى الشارع لا بأمر يكون ملازما لذلك حتى يكون استصحابه من الأصول المثبتة.
وثانيا : يكفي في صحّة الاستصحاب ترتّب الأثر على نفس الاستصحاب ، من الواضح أنّ مقتضى التعبّد بلزوم البناء على عدم المنع حين البلوغ هو الترخيص في الترك ، فالمستصحب وإن كان ليس له أثر ولا هو بنفسه أثر شرعي إلّا أنّ نفس الاستصحاب له أثر شرعي ، وهو الترخيص والإذن في الترك من ناحية الشارع ، وهو كاف في جريانه.
الرابع : ما أفاده الشيخ قدسسره ، وحاصله : أنّ الاستصحاب لو كان من الأمارات أو قلنا بحجّيّة الأصول المثبتة ، لكان استصحاب عدم المنع ، الثابت حال الصغر مفيدا للحكم بالترخيص الشرعي الظاهري ، وعدم استحقاق العقاب على الاقتحام في الشبهة ، وحيث قرّر في مقرّه بطلان كلّ منهما فلا يكون مثل هذا الاستصحاب دليلا على البراءة الشرعية في المقام ، إذ لا تثبت باستصحاب عدم التحريم الإباحة الظاهرية ، فإنّ الإباحة ضدّ التحريم بمقتضى تضادّ الأحكام ، وعدم أحد الضدّين ملازم عقلا لوجود الضدّ الآخر ، وما لم يثبت ذلك لا يؤمن من العقاب (١).
والجواب عنه : أوّلا : أنّ ما لم يكن حراما بحكم الشارع يقبح العقاب على ارتكابه قطعا ، ضرورة أنّ استحقاق العقاب مسبّب للعصيان ، ولا عصيان مع عدم التحريم ، ولا يلزم أن يكون الفعل مباحا ومرخّصا فيه في عدم استحقاق العقاب على ارتكابه.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٠٤.