بالبداهة ، فيمكن أن يعتبر الشارع كون صلاة الجمعة على ذمّة المكلّفين إلى يوم القيامة ، فإذا شكّ في ارتفاع الوجوب لها لاحتمال النسخ ، يجري استصحاب عدم النسخ وبقاء الجعل ، وهو عين استصحاب المجعول ، لما عرفت من أنّ متعلّق الاعتبار كون صلاة الجمعة على ذمّة المكلّفين إلى يوم القيامة ، فإذا استصحبنا بقاء الجعل والاعتبار المتعلّق بكون الجمعة على ذمّتنا أيضا ، فقد استصحبنا المعتبر والمجعول بالضرورة ، وليس الحكم الإنشائيّ أمرا يكبر تدريجا فيصير فعليّا ـ كما توهّمه بعض الأساطين ـ بل إنشاء الحكم أجنبيّ عن مقولة الإيجاد ، وإنّما هو اعتباره ، والحكم ـ كما عرفت ـ ما اعتبره المولى في نفسه من كون الفعل على ذمّة المكلّف مثلا ، وهكذا استصحاب عدم الجعل ـ الّذي هو عبارة عن عدم اعتبار ترك الفعل على ذمّة المكلّف ـ عين استصحاب عدم المجعول الّذي هو عبارة عن متعلّق هذا الاعتبار ، فإذا لم يكن المكلّف في ضيق ترك شرب التتن ولم يكن تركه على عهدته بمقتضى هذا الاستصحاب ، فلا يحتمل العقاب ـ على تقدير مصادفة الشبهة للواقع ـ على الفعل المشتبه ، فإنّ المكلّف لم يكن ممنوعا منه بمقتضى التعبّد الاستصحابي ، فلم يرتكب فعلا ممنوعا حتى يستحقّ العقاب بسببه.
فالإنصاف أنّ عمدة الدليل في المقام هو الاستصحاب على هذا التقرير ، ومع جريانه لا تصل النوبة إلى الأدلّة الأخر من قاعدة قبح العقاب بلا بيان وحديث الرفع وغير ذلك ، فإنّ موضوع القاعدة عدم الوصول واللّابيان وعدم الأمن من العقاب ، ومن الواضح أنّ الاستصحاب بيان ووصول ومؤمّن من العقاب ، ومورد حديث الرفع عدم العلم ، والاستصحاب علم تعبّدي.
نعم ، نحتاج إلى سائر الأدلّة في بعض الموارد ، كما إذا علمنا إجمالا بحرمة فعل في زمان وإباحته في زمان آخر ولم يعلم التقدّم والتأخّر ، فحينئذ