لا يجري الاستصحاب ، لانتفاء الحالة السابقة المتيقّنة ، فلا بدّ من التمسّك بذيل قاعدة قبح العقاب بلا بيان أو حديث الرفع أو غير ذلك من الأدلّة.
واحتجّ للقول بوجوب الاحتياط في المقام بالأدلّة الثلاثة :
أمّا الكتاب : فبآيات :
منها : الناهية عن القول بغير العلم ، كقوله تعالى : (لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١).
وفيه : أنّ القول بالبراءة في المقام ـ بمقتضى قبح العقاب بلا بيان والأخبار الدالّة عليها ـ ليس قولا بغير علم ، بل القول بوجوب الاحتياط في مثل المقام قول بغير علم.
ومنها : الناهية عن الإلقاء في التهلكة ، كقوله تعالى : (لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢).
وفيه : أنّه لا مهلكة في الاقتحام بعد وجود ما دلّ على البراءة من العقل والنقل ، مضافا إلى أنّ المهلكة المحتملة لا دليل على حرمة إلقاء النّفس فيها لو كان لغرض عقلائي.
ومنها : الآمرة بالتقوى.
والجواب عنها : أنّ التقوي من «وقى يقي» بمعنى حفظ النّفس عن الوقوع في المهلكة إمّا الأخرويّة ـ كما يستفاد من قوله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ)(٣) ـ وإمّا الدنيويّة.
أمّا الأولى فلا نحتملها في المقام ، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) التحريم : ٦.