المعصية مع الحركة على طبقها ، والتجرّي صغرى من صغريات هذه الكبرى الكلّيّة.
هذا ، ويرد عليه أوّلا : أنّ هذا الجمع جمع تبرّعي لا شاهد له.
وثانيا : على تقدير التسليم أيضا لا تدلّ على حرمة التجرّي ، لأنّ المتجرّي لا يتحرّك نحو السوء ولا يجري على طبق نيّة السوء حقيقة بل تحرّك وجري خيالي نحو السوء ، والأخبار المذكورة دلّت ـ بمقتضى هذا الجمع ـ على حرمة نيّة السوء مع الحركة نحوه والجري على طبقها.
وثالثا : لو سلّمنا شمولها للتجرّي ، فلازمه ليس إلّا استحقاق العقاب عليه لا الحرمة ، فغايتها أنّها إرشاد إلى ما استقلّ العقل به من صحّة مؤاخذة المتجرّي ، لأنّه طاغ وهاتك لحرمة مولاه ، لا أنّه متعلّق للنهي المولويّ الشرعيّ ، كما هو المدّعى ، ضرورة أنّها لا تدلّ على أزيد من ثبوت العقاب على نيّة السوء.
ثمّ إنّ الصحيح في الجمع بينهما أن يقال : إنّ أخبار العفو تدلّ على عدم ترتّب العقاب على نيّة السوء مطلقا ، سواء كانت مجرّدة أو كانت مع الجري على طبقها والارتداع عنها بالاختيار ـ بأن نوى القمار فبدا له أنّ التجارة أنفع له فارتدع عن قصده ـ أو كانت مع الجري والارتداع بواسطة أمر خارج عن تحت اختياره ، وهناك رواية تدلّ على ترتّب العقاب على خصوص الأخير (١) من أنّه
__________________
(١) أقول : مورد الرواية وإن كان خاصّا ولكن فيه تعليل ، وهو عامّ يشمل صورة التمكّن وعدمه ، فنفس الإرادة كافية ، فليست بأخصّ ممّا دلّ على العفو. هذا أوّلا. وثانيا : وجه دخول النار في مورد الرواية هو إرادة قتل المؤمن وأنّ قتله من أكبر الكبائر ، فإذا كانت إرادة قتل المؤمن موجبة لاستحقاق العقاب فهي لا تكون دليلا على إيجاب إرادة كلّ عصيان بلا تمكّن منه استحقاقا للعقاب ، كما هو المدّعى.