الإجمالي وما دلّ على البراءة خاصّ ، فلا محالة تخصّص به ، فتختصّ بغير الشبهات البدويّة بعد الفحص ، التي هي مورد النزاع.
وهكذا أخبار التوقّف على فرض دلالتها عامّة تخصّص بأخبار البراءة بمقتضى الجمع العرفي.
وهذا مضافا إلى أنّ أخبار الاحتياط غايتها الظهور في وجوب الاحتياط ، فلا تقاوم ما هو نصّ في البراءة ، كقوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (١).
وأمّا العقل : فلاستقلاله بلزوم الاحتياط في كلّ محتمل التكليف إذا كان من أطراف العلم الإجمالي ، ومن الواضح أنّا نعلم إجمالا بوجود تكاليف إلزاميّة في الشريعة المقدّسة ، ونحتمل بالوجدان أنّ شرب التتن منها ، فإذا استقلّ العقل بالتنجيز ، فلا يجوز ارتكاب شيء من الأطراف إلّا بعد وجود مسقط للتنجيز ، وليس في البين ما يكون كذلك ، فلا بدّ من ترك كلّ ما يحتمل الحرمة حتى يحصل العلم بامتثال التكاليف والمحرّمات الواقعيّة المنجّزة بمقتضى العلم الإجمالي بثبوتها.
وبالجملة ، بعد تنجيز العلم الإجمالي لا بدّ من دليل مسقط للتنجيز في كلّ ما نحكم بعدم وجوب الاحتياط فيه من أطراف العلم ، ولا يرفع اليد عن الاحتياط في شبهة إلّا إذا علم وجدانا خروجها عن أطراف العلم أو دلّ دليل على ذلك إمّا بالمطابقة أو بالالتزام ، والمفروض أنّ أيّ محتمل التكليف من الشبهات البدويّة يكون من أطراف العلم الإجمالي ، ولم يحصل لنا العلم الوجداني بخروجها عن دائرة العلم ، ولم تدلّ أدلّة اعتبار الطرق والأمارات ـ المثبتة
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٧ ، الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ـ ١٧٤ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٧.