وأمّا لو كان مركّبا من قضيّتين : قضيّة حمليّة وقضيّة منفصلة مانعة الخلوّ ، كما إذا علمنا بنجاسة أحد الكأسين واحتملنا نجاسة كليهما ، فقيام البيّنة على نجاسة أحدهما المعيّن لا يوجب نفي النجاسة عن الطرف الآخر ، والمقام من هذا القبيل ، كما لا يخفى ، فلا تنفي الطرق والأصول التكليف عن غير مواردها ، فلا تكون مسقطة للتنجيز في موارد الشبهات البدويّة ، فهذا الجواب عن هذا التقريب لا يفيد.
والصحيح في الجواب عنه : أوّلا : بالنقض بالشبهات الوجوبيّة ، فإنّ مقتضى العلم الإجمالي الاحتياط والإتيان بكلّ ما نحتمل وجوبه مع أنّ جلّ الأخباريّين لا يلتزمون بذلك.
وثانيا : بالحلّ ، وهو ما ذكرنا سابقا من أنّ لنا علوما إجماليّة ثلاثة : علما إجماليّا بثبوت تكاليف إلزاميّة في الشريعة المقدّسة ، وعلما إجماليّا ثانيا بوجود تكاليف إلزاميّة بمقدار المعلوم بالإجمال بالعلم الأوّل بل أزيد فيما بين الأمارات والطرق ، وعلما إجماليّا ثالثا بوجود تكاليف كذلك فيما بأيدينا من الأخبار المعتبرة المودعة في كتب الشيعة ، ثمّ إنّا نقطع بأنّ جميع الأمارات وهكذا الأخبار لا تكون غير مطابقة للواقع ، فإن قطعنا بمطابقيّة بعض الأمارات أو الأخبار للواقع بمقدار المعلوم بالإجمال بالعلم الأوّل ، فلا محالة ينحلّ العلم الأوّل بالثاني والثاني بالثالث ، فيصير غير موارد الأخبار شبهات بدويّة ، وتخرج عن تحت دائرة العلم الإجمالي ، وإن لم نقطع بذلك ، فلا بدّ من التمسّك بأدلّة اعتبار الأمارات والأخبار لإثبات انحلال العلم الإجمالي الأوّل ، وحيث إنّ المسالك في معنى الحجّيّة مختلفة ، فينبغي التكلّم على جميع المسالك الثلاثة.