بالحظر في تلك المسألة هو عدم ورود الشرع وفي هذه المسألة ورود الشرع وبيان الأحكام ، ولا تتّحدان موضوعا حتى تكونا متّحدي الحكم أيضا ، ولذا ترى بعض من التزم في تلك المسألة بالحظر التزم هنا بالإباحة وبالعكس.
وثالثا : أنّا أثبتنا سابقا أنّ أخبار البراءة مقدّمة على أخبار الاحتياط إمّا بالنصوصيّة والأظهريّة أو بالتخصيص.
واستدلّوا أيضا بأنّ الإقدام على ما لا يؤمن من المفسدة فيه كالإقدام على ما علم فيه المفسدة.
وفيه : أنّ هذا صغرى من صغريات وجوب دفع الضرر المحتمل ، وقد مرّ ما فيه مفصّلا ، فلا نعيده.
بقي أمور ينبغي التنبيه عليها :
الأوّل : أنّه حيث إنّ موضوع البراءة العقليّة عدم البيان وموضوع البراءة الشرعيّة هو الشكّ ، فلا محالة لا يجري أصل البراءة في مورد جريان أصل آخر رافع للشكّ ، إذ به يرتفع الشكّ ، ويتحقّق البيان ، فلا موضوع لأصل البراءة لا عقليّة ولا شرعيّة ، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الشبهة موضوعيّة ، كما إذا شكّ في حلّيّة مائع متيقّن الخمريّة سابقا ، أو حكميّة ، كما إذا شكّ في حلّيّة وطء الحائض بعد الطهر وقبل الاغتسال ، فاستصحاب الخمرية في الأوّل والحرمة في الثاني رافع لموضوع البراءة. وهذا هو المراد من الأصل الموضوعي في كلام الشيخ (١) ، وليس المراد منه هو الأصل الجاري في الموضوع مقابل الأصل الحكمي ، بل المراد مطلق ما يكون رافعا لموضوع البراءة سواء جرى في الموضوع أو في الحكم. وبهذه المناسبة ـ أي بمناسبة أنّه
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢١٨.