يرفع موضوع البراءة ـ سمّي أصلا موضوعيّا.
وبالجملة جريان البراءة مشروط بعدم ارتفاع موضوعها بسبب أصل آخر ، وقد فرّع الشيخ ـ قدسسره ـ على ذلك عدم جريان أصل البراءة في حيوان شكّ في حرمته وحلّيّته من جهة الشكّ في قبوله التذكية وعدمه (١).
وينبغي التكلّم في صور الشكّ بجميعها.
فنقول : إنّ الشبهة تارة تكون موضوعيّة ، وأخرى حكميّة.
أمّا الأولى : فعلى أقسام :
الأوّل : ما إذا علم بأنّ الحيوان الموجود قابل للتذكية ، وعلم أيضا بوقوع التذكية عليه ولكن شكّ في حلّيّته من جهة الشكّ في كونه شاة أو أرنبا بسبب أمور خارجيّة ، كظلمة أو عمى وأمثال ذلك.
وفي هذا القسم لا ريب في جريان البراءة والتمسّك بقوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» (٢).
لا يقال : إنّ اللحم الموجود كان سابقا قبل عروض الموت محرّم الأكل من جهة حرمة أكل الحيوان الحيّ أو حرمة أكل القطعة المبانة من الحيّ ، فنستصحب حرمته الثابتة على تقدير كونه حيّا.
فإنّه يقال : بقاء الموضوع في الاستصحاب معتبر ، وموضوع الحرمة المتيقّنة كان الحيوان الحيّ أو القطعة المبانة منه ، وبعد وقوع التذكية عليه لا يصدق عليه شيء من العنوانين ، كما لا يخفى.
ومن هنا ظهر أنّ ما أفاده الشهيد ـ قدسسره ـ من أنّ الأصل في اللحوم هو
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢١٨.
(٢) الكافي ٥ : ٣١٣ ـ ٣٩ ، الفقيه ٣ : ٢١٦ ـ ١٠٠٢ ، التهذيب ٧ : ٢٢٦ ـ ٩٨٨ و ٩ : ٧٩ ـ ٣٣٧ ، الوسائل ١٧ : ٨٧ ـ ٨٨ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.