الأمر الرابع : أنّه بعد ما ثبت أنّ أوامر الاحتياط أوامر مولويّة هل يتحقّق الاحتياط بالإتيان بداعي الأمر الاحتياطي ولو كان الآتي غافلا عن الأمر الواقعي ، نظير الإتيان بصلاة الليل بداعي أمرها النذري؟ أو لا يتحقّق الاحتياط ولا يصحّ العمل إلّا بالإتيان برجاء إدراك الواقع واحتمال الأمر الواقعي؟
ويتفرّع على ذلك جواز إفتاء المجتهد باستحباب محتمل المطلوبيّة بدون التنبيه على هذه الجهة ، وعدمه بدون ذلك ، بل عليه أن ينبّه على أنّ إعادة الصلاة مثلا في موضع كذا مستحبّة احتياطا وبرجاء كونها مطلوبة.
الحقّ هو الأوّل ، ووجه ما تقدّم في بحث التعبّدي والتوصّلي مفصّلا ، وإجماله أنّ الأوامر كلّها توصّليّة ، وليس لنا أمر تعبّدي أصلا. نعم ، المأمور به إمّا تعبّدي إن كان لقصد القربة مدخليّة فيه ، أو توصّلي إن لم يكن كذلك ، فعلى ذلك ، المأمور به بالأمر الاحتمالي الواقعي مركّب من أجزاء وشرائط من القراءة والركوع والسجود والطهارة والتوجّه إلى القبلة وغير ذلك ، ومن ذلك جهة الإضافة إلى الله تبارك وتعالى ، التي هي قصد القربة المعتبرة في العبادة ، فإذا أتي به تامّ الأجزاء والشرائط فقد أتي بالعبادة المأمور بها ، ومن المعلوم أنّ الإضافة إليه تعالى كما تتحقّق بالإتيان برجاء المطلوبيّة كذلك تتحقّق بالإتيان بداعي أمره الاستحبابي.
الأمر الخامس : في أخبار «من بلغ» (١) ولا ينبغي الإشكال في سند هذه الأخبار من حيث تضافرها واعتبار بعضها ، فالكلام فيها يقع في جهتين :
الأولى : أنّه هل لسان هذه الأخبار لسان الإرشاد إلى ما يدركه العقل من حسن الإتيان بما احتمل بلوغه من النبي صلىاللهعليهوآله بأن كان مفادها ترتّب الثواب
__________________
(١) انظر : الوسائل ١ : ٨٠ ، أحاديث الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات.