بلسان التوعيد على الفعل ، فكما أنّ التوعيد على فعل يدلّ بالالتزام على حرمته كذلك الوعد على فعل يدلّ بالالتزام على استحبابه ، وكثير من المستحبّات في الفقه استفيد استحبابها من ورود الثواب عليها في الأخبار ، كما يظهر للمتتبّع. فالحقّ مع المشهور القائلين باستحباب كلّ ما دلّ خبر ـ ضعيفا أو قويّا ـ على استحبابه وإن كان تعبيرهم ب «التسامح في أدلّة السنن» ليس بجيّد ، فإنّه موهم للقول بحجّيّة الخبر الضعيف الدالّ على استحباب شيء.
الجهة الثانية : أنّه بعد ما ثبت دلالتها على الاستحباب هل تدلّ على استحباب ذات العمل أو استحبابه إذا أتي برجاء إدراك الواقع بحيث لو أتي لا بداعي احتمال الأمر الواقعي بل بداعي أمره الاستحبابي أو داع آخر من الدواعي القربيّة لم يكن مستحبّا؟ ومن ذهب إلى أنّ أوامر الاحتياط أوامر استحبابيّة وأنّه يكفي في تحقّق الاحتياط الإتيان بداعي من الدواعي القربيّة ولو كان بداعي الأمر الاستحبابي بالاحتياط غافلا عن واقعه ، يكون في فسحة من هذا النزاع ، فإنّ ما قام على استحبابه خبر ضعيف تشمله أخبار الاحتياط أيضا ، فيجوز إتيانه بأيّ داع قربيّ بمقتضى أخبار الاحتياط ، فيختصّ النزاع بمن أنكر ذلك وذهب إلى لزوم الإتيان برجاء إدراك الواقع في تحقّق الاحتياط.
وكيف كان ، الظاهر أنّ هذه الأخبار ظاهرة في استحباب ذات العمل البالغ عليه الثواب ، وذلك من جهة أنّ ترتّب الثواب على عمل كاشف عن تعلّق الأمر به ، نظير «من سرّح لحيته فله كذا» و «من أفطر صائما فله كذا» والثواب في صحيحة هشام بن سالم (١) رتّب على نفس العمل البالغ عليه الثواب بلا تقييد برجاء إدراك الواقع ولا داع قربيّ آخر ، غاية الأمر أنّا نعلم من الخارج أنّ الثواب
__________________
(١) الكافي ٢ : ٨٧ ـ ١ ، الوسائل ١ : ٨١ ـ ٨٢ ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٦.