المستحبّات الواردة فيه متزاحمة ، كما لا يخفى (١).
وأشكل عليه شيخنا الأستاذ (٢) قدسسره ، وقد مرّ في محلّه تماميّة كلام الشيخ ـ قدسسره ـ في باب الصوم وعدم ورود إشكاله ـ قدسسره ـ عليه ، إلّا أنّ ما أفاده لا يتمّ على إطلاقه ، فإنّ في باب الصوم ـ حيث إنّه عبادي ويعتبر فيه قصد القربة ـ أمورا ثلاثة : ذات الصوم مجرّدا عن قصد القربة ، والصوم معه ، وتركه ، فلا مانع من شمول أخبار «من بلغ» للصوم بقصد القربة وتركه وجعل الاستحباب لكليهما ، إذ هما ليسا بمتناقضين ، بل هما ضدّان لهما ثالث ، وهو الصوم بلا قصد القربة.
وأمّا ما كان توصّليّا لا يعتبر فيه قصد القربة ـ كأكل الرمّان ـ فلا يمكن استحباب الفعل والترك كليهما فيه ، ضرورة أنّهما نقيضان لا يجتمعان ، فكيف تشمل أخبار «من بلغ» الخبر الضعيف المتكفّل لبيان استحبابه أو ترتّب الثواب عليه ، والخبر الدالّ على كراهته معا!؟ هذا كلّه في بيان سعة دائرة شمول أخبار «من بلغ» وضيقها.
بقي الكلام في الثمرة بين القول بأنّ المستفاد من هذه الأخبار استحباب نفس العمل البالغ عليه الثواب وبين القول بأنّ لسانها لسان الإرشاد إلى ما استقلّ به العقل لا جعل الاستحباب لنفس العمل.
وقد ذكر الشيخ (٣) ـ قدسسره ـ لذلك ثمرتين.
الأولى : أنّه إذا ورد خبر ضعيف دالّ على استحباب غسل المسترسل من اللحية في الوضوء ، فعلى الأوّل يثبت استحبابه ، فيجوز الأخذ من بللها
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٣٧ ـ ١٣٨ ، فرائد الأصول : ٢٣٠.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢١٣.
(٣) فرائد الأصول : ٢٣٠ ـ ٢٣١.