القاعدة هو الاشتغال وإحراز ترك المجموع امتثالا للنهي ما لم يحرز الترك بالأصل ، كما إذا كانت حالته السابقة الترك (١).
وللشيخ ـ قدسسره ـ كلام أيضا ، وحاصله بتوضيح منّا : أنّ التكاليف حيث إنّها مجعولة على نحو القضايا الحقيقيّة المنحلّ كلّ واحدة منها بحسب الواقع إلى قضايا متعدّدة حسب تعدّد موضوعاتها وإن كانت بحسب اللفظ قضيّة واحدة ، كما في قضيّة «النار حارّة» التي مقتضاها ثبوت فرد خاصّ من الحرارة لفرد خاصّ من النار مغاير لما ثبت لفرد آخر منها ، فلا محالة يرجع الشكّ في الموضوع إلى الشكّ في أصل التكليف ، فإنّ الإنشاء وإن كان واحدا معلوما مبيّنا إلّا أنّه منحلّ إلى إنشاءات نشكّ كون الفرد المشكوك منها.
وبالجملة ، لا نعلم بانحلال تكليف «لا تشرب الخمر» إلى هذا الفرد المشكوك أيضا ، فلا مانع من جريان البراءة (٢).
والتحقيق في الجواب أنّ مفاد النهي تارة يكون هو الزجر بأن كان ناشئا عن مفسدة في الفعل ، كما هو الحقّ المحقّق في محلّه ، وأخرى يكون طلب الترك بأن كان ناشئا عن مصلحة في الترك ، فإن كان الأوّل فهو على أقسام :
الأوّل : أن يكون متعلّقا بكلّ فرد فرد بنحو العامّ الاستغراقي ، ولا ريب في جريان البراءة في هذا القسم بالنسبة إلى الفرد المشتبه ، فإنّ تعلّق النهي به والزجر عنه مشكوك.
الثاني : أن يكون متعلّقا بمجموع الأفراد بنحو العامّ المجموعي.
ومثاله : التصوير ، فإنّ المحرم منه هو تصوير ذوات الأرواح بجميع أعضائها ، وأميا تصوير يد أو رجل أو صدر بدون ضمّ سائر الأعضاء إليه فليس
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠٢ ـ ٤٠٣.
(٢) فرائد الأصول : ٢٢١.