وقوع الصلاة فيما لا يؤكل ، وأنّ الصلاة الواقعة فيه فاسدة لا تقبل حتى يؤتى بفرد آخر غير مقرون بالمانع.
وبعد الفراغ عن ذلك نقول : إنّ النهي عن إيقاع الصلاة فيما لا يؤكل يتصوّر بصور:
الأولى : أن يكون المطلوب به ترك كلّ فرد من أفراد ما لا يؤكل بنحو العامّ الاستغراقي ، نظير النهي في «لا تشرب الخمر» في التكليف الاستقلالي.
الثانية : أن يكون المطلوب به مجموع التروك بنحو العامّ المجموعي.
الثالثة : أن يكون المطلوب به ترك الطبيعة بنحو صرف الوجود بحيث لو لبس المصلّي فردا ممّا لا يؤكل ، يتحقّق عصيان النهي الضمني.
الرابعة : أن يكون المطلوب عنوانا وجوديّا بسيطا منتزعا عن مجموع التروك ، نظير عنوان العريان المتحقّق من ترك لبس كلّ فرد من أفراد اللباس.
ولا ريب في جريان البراءة في الصور الثلاث الأول ، وعدم جريانها في الأخيرة منها بالبيان المتقدّم في التكليف الاستقلالي ، إذ لا فرق في ذلك بين التكاليف الضمنيّة والاستقلاليّة ، وظاهر قوله عليهالسلام : «لا تصلّ فيما لا يؤكل» أو «الصلاة في وبره وشعره وكذا وكذا فاسدة» هو مطلوبيّة ترك كلّ فرد من مصاديق ما لا يؤكل بنحو العامّ الاستغراقي ، كما في «لا تشرب الخمر» و «الخمر حرام» ولا فرق بين العبارتين أصلا إلّا أنّ الأولى نهي ضمني ، والثانية استقلالي (١) ، فكما تجري البراءة في الفرد المشتبه من الخمر كذا تجري في الفرد المشكوك من اللباس ، فكما أنّ «لا تشرب الخمر» أو «الخمر حرام» قضيّة حقيقيّة منحلّة إلى قضايا متعدّدة حسب تعدّد مصاديق الخمر كذلك
__________________
(١) أي : نهي استقلالي.