عن المعصية بعين هذا الملاك.
وأمّا الثانية : فلأنّ الأمر غير الاختياري يمكن أن يكون موجبا لعدم صدور القبيح عن الشخص ولا محذور فيه. أمّا كونه موجبا (١) لحسن شيء وارتفاع قبحه فلا ، بل عرفت أنّ الأمور غير الاختيارية لا مدخليّة لها في الحسن والقبح أصلا ، ومصادفة التجرّي للمحبوب الواقعي أمر غير اختياريّ لا يمكن أن يوجب حسنا في الفعل.
وأمّا الثالثة : فلما مرّ من أنّ ملاك استحقاق العقاب في العاصي. والمتجرّي شيء واحد وهو الهتك ، فالعقاب على التجرّي واحد صادف الواقع أو لم يصادف.
الأمر الثاني : في أقسام القطع ـ والغرض من هذا التقسيم ردّ مقالة الأخباريّين من أنّه لا اعتبار بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة ـ بأنّ القطع إمّا طريقيّ محض أو موضوعي.
والأوّل ـ حيث إنّ طريقيّته ذاتيّة غير قابلة للجعل لا نفيا ولا إثباتا ـ
__________________
ـ قبحه مدار صدق الظلم عليه بحيث لو لم يصدق عليه لما كان قبيحا ، وكلاهما ممنوع ، بل التجرّي قبيح مع أنّه ليس بظلم على المولى. (م).
(١) أقول : هذا صحيح في الجملة لا بالجملة.
بيان ذلك : أنّ ارتفاع القبح الفاعلي متوقّف على الالتفات إلى العنوان الحسن الواقعي ، وأمّا ارتفاع القبح الفعلي فلا يتوقّف عليه ، ولذا لو ضرب اليتيم لا للتأديب مع ترتّبه عليه ، فهذا الضرب ـ الّذي ترتّب عليه التأديب من دون إرادة الضارب إيّاه ـ قبيح من حيث الفاعل ، لعدم وجود الالتفات ، ولا يؤثّر ترتّب التأديب في ارتفاع القبح الفاعلي ، وأمّا كونه غير قبيح من حيث الفعل فهو بواسطة ترتّب التأديب عليه.
هذا في ارتفاع القبح الفعلي بالعنوان الحسن الواقعي ، وكذا الأمر في ارتفاع الحسن الفعلي بالعنوان القبيح الواقعي.
فتحصّل أنّ عدم تأثير العنوان الواقعي غير الملتفت إليه في ارتفاع القبح الفعلي مطلقا غير صحيح. (م).