فصل :
في دوران الأمر بين محذورين.
ولا يخفى أنّ محلّ الكلام ما إذا علم بجنس التكليف وتردّد أمره بين الوجوب والحرمة حدوثا ، وأمّا ما لم يكن كذلك ـ بأنّ تردد أمر شيء بين الوجوب والحرمة والإباحة مثلا ، أو علم بجنس التكليف لكن لا حدوثا بكل بقاء بأن كانت حالته السابقة هو الوجوب أو الحرمة ـ فخارج عن محلّ الكلام ، بل تجري البراءة في الأوّل بلا شبهة والاستصحاب في الثاني بلا معارض ، وينحلّ العلم الإجمالي بالتعبّد الاستصحابي بالوجوب مثلا ، فلا أثر بعد ذلك لاحتمال الحرمة.
ويقع الكلام في مقامين :
الأوّل : ما إذا كان كلّ من التكليفين المحتملين توصّليّا ، والأقوال في المقام خمسة :
١ ـ جريان البراءة عقلا ونقلا.
٢ ـ تعيّن الأخذ باحتمال الحرمة.
٣ ـ التخيير بين الأخذ بالوجوب والأخذ بالحرمة.
٤ ـ التخيير بين الفعل والترك عقلا ، وجريان أصل الإباحة ، كما في الكفاية (١).
٥ ـ التخيير العقلي بلا جريان أصل شرعي أصلا ، كما ذهب إليه شيخنا
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠٤.