والحرمة ، وهكذا عند الواقعة الثانية ، وحيث لا فعليّة للتكليف في كلّ واقعة بنفسها لا خطابا ولا ملاكا ، فلا مانع من الحكم بالتخيير في كلّ واقعة من باب اللاحرجيّة العقليّة ، غاية الأمر أنّه يحصل العلم بالمخالفة إذا وطئ في كلّ من الليلتين أو ترك الوطء كذلك ، وهذا لا أثر له بعد ما لم يكن منجّز على المخالفة حين الارتكاب (١). هذا.
والحقّ أنّ هذه المسألة داخلة في كبرى منجّزيّة العلم الإجمالي في التدريجيّات ، وعدمها ، فمن التزم بالتنجيز في تلك المسألة ـ كشيخنا الأستاذ قدسسره ـ لا بدّ له من الالتزام بلزوم الموافقة الاحتماليّة في المقام أيضا ، ومن لا يلتزم ويجري البراءة في أطراف العلم فلا مناص له من الالتزام به في المقام أيضا ، وذلك لأنّ لنا علمين إجماليّين : علما بوجوب الوطء إمّا في الليلة الأولى أو الثانية ، وهذا من مصاديق العلم الإجمالي في التدريجيّات ، ومقتضاه عند من يرى منجّزيّته في التدريجيّات أيضا : وجوب الموافقة القطعيّة ، وحرمة المخالفة القطعيّة ، وعلما آخر بوجوب ترك الوطء كذلك ، وهذا أيضا مثل الأوّل في الأثرين ، وحيث لا يتمكّن المكلّف من امتثال كلا التكليفين المعلومين بالإجمال ومن موافقتهما قطعا فتصل النوبة إلى وجوب الموافقة الاحتماليّة ، وتبقى حرمة المخالفة القطعيّة على حالها.
بقي شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو هل أنّ احتمال الأهمّيّة كما لا يوجب التعيين في الواقعة الواحدة المردّد أمرها بين محذورين كذلك لا يوجب ذلك في الوقائع المتعدّدة أيضا ، أم لا؟
اختلف كلام شيخنا الأستاذ في ذلك ، فالتزم هنا بعدم الاعتناء باحتمال
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٣٣ ـ ٢٣٥.